أشتهر العديد من الأدباء والشعراء في العصر الإسلامي، ويعد الفرزدق واحد من أشهر الشعراء في عصره، فقد عرف الفرزدق بالفصاحة، ويعد من مؤسسين الشعر العربي في العصر الأموي، واسمه الحقيقي هو همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، لقب بالفرزدق بسبب قصره وضخامته وغلاظته وتهجم وجهه، كما كانت كنيته أبو فراس، ويعد أبرز الشعراء في العهد الأموي.
نشأة الفرزدق
ولد الفرزدق في عام 38 هجرياً في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد ولد في البصرة حيث كانت تحتل مكانة كبيرة في التجارة بين العرب وكان أهلها شديدين الافتخار بها، حيث عرفت البصرة بسوق العرب بعد ظهر الإسلام، كما أن الناس كانوا يقصدونها حتى يتعلموا الشعر والأدب، وتوفي الفرزدق سنة 114 هجرية، في البصرة في العراق.
نشأ الفرزدق في كنف وتحت رعاية والده غالب في بيت مملوء بمكارم الأخلاق والأمجاد التي ورثها الفرزدق، كما عكف والده على تأديبيه وتربيته وتعليمه الشعر وما قاله العرب من الأدب والثقافة، وأتخذ الفرزدق من أبيه المثال الأعلى بالغ في رفع قدر أبيه وتعظيمه، حتي عند وفاته نعاه باكياً في أجمل الأبيات الشعرية التي كتبها.
كان الفرزدق دائمًا ما كان يصاحب الأشراف من القوم حيث يتناولون الأخبار والقصص في حياة العرب السابقة، وبطولات الفرسان وحكام القبائل العربية السابقة، وكانوا يتبادلون الشعر القديم بما فيه من بلاغة وبأنواعها مثل الذم والمدح والعشق وغيره، فكان يحفظ عنهم الكثير حيث كان يتسم بالذكاء والفطنة، كما اتجه الفرزدق في بعض شعره إلى الهجاء والتفاخر بين الشعراء بعد أن سمع شعر الهجاء والتفاخر.
أبرز صفات الفرزدق
-تميز الفرزدق بذكائه، وأمتلك موهبة كبيرة في الحفظ ورثها عن أبيه وعن جده صعصعة الذي كان عارفاً وحافظاً وراوياً لأخبار الناس في وقته.
-اشتهر بفصاحته التي ورثها من قوم تميم الذين تربي فيهم حيث كانوا من أفضل القبائل بين العرب، وهذا كان له أثر كبير عليه وعلى صفاته وأخلاقه وعاداته.
-عُرف بالمزاج المتقلب بشكل كبير، حتى كان معروف عنه أنه من الممكن أن يمدح رجلاً اليوم ويهجوه في اليوم التالي، وكان يتنقل بين الأمراء والولاة يمدحهم ويهجوهم، إلا أنه بالغ في مدح الحجاج بن يوسف الثقفي ورثاه بعد موته وهذا زاد من إعجاب الحجاج به.
-اشتهر بشعر الهجاء والفخر والمدح.
-تميز باعتزازه بنفسه وجماله حيث كان يمتلك موهبة شعرية كبيرة في الهجاء والوصف الجارح، حتى أنه هجا عمته وأخته وشهر بهم.
-عُرف بغروره.
-عُرف بالنقائض التي كانت بينه وبين جرير، حيث تبادل الهجاء لمدة تصل إلى نصف قرن إلي أن توفي الفرزدق ورثاه جرير، بدأت الحرب الشعرية بينهم عندما قام جرير بالوقوف في وجه الفرزدق يستهزئ به ويهجوه.
شعر الفرزدق
-قصيدة الفرزدق يمدح فيها زين العابدين
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لائه نعم
إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي
-وكان دائما ً ما يهجو ويفتخر بنفسه في نفس الوقت، مثل ما قال في جرير قال:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
فيا عجبًا حتى كليب تسبني كأن أباها نهشل أو مجاشع
إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتًا دعائمه أعز وأطول
أحلامنا تزن الجبال رزانة وتخالنا جنًا إذا ما نجهل
وهب القصائد لي النوابغ إذ مضوا وأبو يزيد، وذو القروح، وجرول
ومستنبح والليل بيني وبينه يراعي بعينيه النجوم التواليا
سرى إذ تفشى الليل تحمل صوته إلي الصبا قد ظل بالأمس طاويا
حلفت لهم إن لم تجبه كلابنا لأستوقدن نارًا تجيب المناديا