مهنة الطيران هي من أصعب المهن التي يمكن العمل بها، وعلى الرغم من ذلك فهناك الكثير ممن يفضلون هذه المهنة ويطمحون للعمل بها منذ طفولتهم ومن بينهم هو القائد نهار النصار و هو أول طيار سعودي والذي استطاع أن يقطع المحيط ويدور حول العالم قبل ظهور النفط في المنطقة الشرقية، وهو من الشخصيات العظيمة التي وجب التنويه عنها وذكرها باستفاضة لأنه يستحق ذلك، فقد كان شابا طموحا استطاع أن يحقق حلم طفولته ويواجه مصاعب الحياة والتحديات في سبيل تحقيق حلمه البسيط الذي وصل إلى ما كان لا يتوقعه وهو طائر خاص بالرحلات الملكية، وفي مقالنا اليوم سوف نتناول حياة هذا القائد العظيم وقصة نجاحه
مولده ونشأته
ولد الكابتن نهار بن عبد الرازق بن محمد النصار في مدينة الخبر عام 1936 م -1355هـ ، كان أجداده من السليل في وادي الدواسر وقد استقروا بالخبر، عمل جده واخوته وابناءهم جمالين في منطقة الزبير حيث يقومون بنقل المعتمرين والحجاج، كما يقومون أيضا بنقل البضائع وتنظيم الرحلات، ثم قرروا بعدها النزوح إلى المنطقة الشرقية مع إطلاق أعمال التنقيب عن النفط هناك ومع اكتشاف أول بئر نفط، وقد عمل أبوه عبد الرازق في شركة أرامكو وتفرغا للعمل كمقاولين استثمارين لما شهدته المنطقة من فرص كبيرة للتجارة والاستثمار ومع توافد العمال والسكان.
مشوار تعليمه
نشأ وترعرع الكابتن نهار النصار في المنطقة الشرقية وتحديدا في مدينة الخبر ومع فقر فرص التعليم في تلك الفترة إلا أنه التحق بالكتاتيب هناك وحفظ القرآن الكريم وتعلم أسس القراءة والكتابة، كما تعلم أيضا اللغة الإنجليزية على يد معلمة هندية بالخبر، كما تعلم أيضا شئون الدين واللغة العربية حيث عمل والده على تعلم ابناءه، إلى أن تم افتتاح المدرسة الأميرية والتي هي الآن مدرسة معاذ بن جبل الابتدائية، وكان من أوائل المتعلمين في هذه المنطقة، ثم التحق بشركة أرامكو ليعمل مراسلا مكتبيا في جزء من وقته ويستمر في تعلم اللغة الإنجليزية.
بداية تعلقه بالطيران
عمل والد نهار مقاول وقد تولى وقتها انشاء بعض المرافق الخاصة في مطار الظهران فقد كان حديث النشأة في ذلك الوقت وكان نهار يأتي مع الأب ليس من أجل أن يتعلم منه أعمال المقاولة والبناء ولكن تعلق بتأمل هبوط وإقلاع الطائرات من وإلى مدرج المطار وكان هذا المشهد من أكثر المشاهد التي جذبته في المطار على الرغم من كونه طفل صغير .
وعندما كان يعمل في أرامكو كان يقوم بحمل الأوراق والملفات منطلقا منها بين دهاليز الشركة مقلدا صووت الطائرة، وكان هذا هو السبب من نقله من عمله كمراسل في مكاتب الشركة إلى العمل فنيا تحت التدريب في ورشة الشركة المخصصة للطائرات في مطار الظهران، فكانت هذه خي نقطة الإنطلاق في حياة هذا الشاب الطموح ، فلم يقف عند هذا الحد بل عمل على التعرف على كل المعلومات الخاصة بالطيران وقد سأل المختصين الفنيين الإيطاليين ليعرف كل ما يحتاجه من إجابات على أسئلته.
بداية تعلمه الطيران
التحق نهار بمدرسة سانت أندرواس بالاسكندرية ليحصل على الشهادة التي منها يدرس الطيران وقد التحق في عام 1954 بمعهد الطيران في امبابة واستمر به عامين، ثم أرسله والده إلى بريطانيا ليكمل تعليمه هناك من جامعة ساوثمبتون وحصل منها على رخصة طالب طيران ولكنه لم يكمل دراسته هناك بسبب بدء العدوان الثلاثي على مصر وكانت بريطانيا احدى دول التحالف، لبأمر الذي جعله يعود مرة أخرى إلى مصر ليدرس الطيران في معهد مصر للطيران ومعه مجموعة من الطلاب المتميزين السعوديين وقد حصل على إجازة الطيران الخاص في عام 1957 ، وعند عودته إلى وطنه عمل كمساعد طيار أول في الخطوط السعودية حتى عام 1958 ، وقد كان ضمن المختارين ليكونوا أول طيارين سعوديين وقد أمر الملك فيصل زقتها بضرورة وجود طيارين سعوديين الجنسية في حين وجود الطيارين من جنسيات أخرى، وبالفعل تم نجاخه في الاختبار هو وزميل له هو بهاء الدين أسعد وقد حملا رتبة قائد كابتن طائرات تجارية طائرات دي سي 3 ، وعمر نهار وقتها لم يتجاوز الثالثة والعشرين عاما وقد تزوج في عام 1960 ورزف بابنته المهندسة شويكار وابنه المهندس نواف
أول طيار سعودي
سافر نهار إلى الولايات المتحدة عام 1962 وقد حصل على شهادة طيار خطوط جوية art من هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية، وقد نجح أيضا في اجتيار اختبار الطيران على طائرة نفاثة من طراز بوينج ، وقد كان بذلك هو أصغير طيار سعودي وعربي يقود طيار نفاثة، وقد عين كبير الطيارين في الخطوط السعودية في عام 1963 ولكنه ترك هذا المنصب مفضلا الاستمرار في الطيران، والمشهور عنه أنه كان ضمن المجموعة التي اختارت الزي الرسمي للطيارين السعوديين في الخطوط السعودية.
الكابتن نهار قائد للرحلات الملكية
استطاع الكابتن نهار أن يصل بنجاحه واصراره ليصبح هو قائد للرحلات الملكية خلفا للقائد الأمريكي سام بقلر واستمر في هذا المنصب إلى وفاته، فقد قاد نهار طائرات تقل جلالة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله والأمير سلطان رحمة الله عليهم أجمعين .
ومن أشهر الرحلات التي قام بها الطيار نهار كانت الطائرة تقل الملك فيصل وكانت الرحلة بين مدريد والولايات المتحدة ولكن الطائرة تعرضت لأعطال فنية وكانت وقتها متجاوزة الحدود الإقليمية لجمهورية البرتغال وقد استأذن نهار جلالة الملك فيصل في الأمر حيث ترك له الأمر لأنها من مهام الطيار وقد استأذن الكابتن نهار بالنزول في مطار لشبونة عاصمة البرتغال، وبالفعل نزلت الطائرة في مطار لشبونة وقد وجدوا رئيس الوزراء البرتغالي في المطار ليلتقي بدون موعد بالملك فيصل وقد كان لهذه الزيارة الدور في عودة العلاقات العربية مع البرتغال بعدما تأثرت لأسباب تتعلق بالقضية الفلسطينية.
المناصب التي عين فيها
1- عين الكابتن نهار مدربا للطيارين على طائرة البوينج 707 في الخطوط السعودية في عام 1968 .
2- أصبح مشرفا على طائرات البوينج في عام 1971 ثم أكمل رحلاته مع الملك فيصل حول العالم .
3- عين مديرا إداريا لتدريب الطيارين مع الاستمرار بالطيران في عام 1973 .
4- في عام 1974 عين مساعدا لمدير التدريب بجانب عمله كمدرب للطيران .
5- في عام 1975 أنشأ أول قسم خاص بالرحلات الملكية حتى تستقل عن الرحلات الاعتيادية .
6- في عام 1977 أصبح أول مدير عام لعمليات الرحلات الملكية .
7- في عام 1993 عين مساعد لمدير عام الخطوط السعودية لعمليات الرحلات الملكية.
وفاته
توفي كابتن طيار نهار النصار بعد مسيرة عمل ناحجة استمرت 39 عاما فقد توفي في يوم الأربعاء الموافق 3 أغسطس عام 1994 بعد صراع دام أربعة أشهر مع المرض في المستشفى العسكري بمدينة جدة، وقد طار الكابتن 18 ألف ساعة و7 دقائق و19 ثانية.