يعتبر الهواء المنتشر حولنا في الغلاف الجوي أحد أبرز الأمور الغامضة التي لا زال العلم يكتشفها تدريجيا؛ نظرًا لأنه يتكون من غازات غير مرئية ومن الصعب السيطرة عليها ودراستها بشكل تفصيلي إلا في معامل خاصة وباستخدام معدات وأدوات مخصصة لذلك، وفيما يلي نستعرض تفاصيل تتعلق بحركة الهواء ومدى مقاومته وضغط وانضغاطه، وكذا وزنه والعوامل المؤثرة عليه :
وزن الهواء
في العادة لا يستطيع الإنسان أن يشعر بمدى ثقل الهواء الجوي ووزنه الحقيقي لأن وزن الهواء لا يكاد يذكر؛ فهو أقل كثيرا من الأجسام الصلبة والسائلة الموجودة في الطبيعة، ومع ذلك يمكن قياس وزن الهواء في تجربة بسيطة للغاية عبر استخدام زجاجة وباستعمال جهاز للشفط نستخرج منها الهواء ثم نغلقها ونضعها على ميزان، ثم نفتح الزجاجة ونسمح للهواء الدخول إليها ثانية ثم نغلقها ونضعها على الميزان؛ سنجد أن لها وزنًا أكبر من المرة الأولى حينما فرغنا منها الهواء.
وبشكل عام نجد أن وزن الغلاف الجوي الموجود حول الكرة الأرضية بأكملها يصل إلى 5،200،000،000،000،000 طن متري، وهو الوزن الذي يتم قياسه باستخدام جهاز البارومتر وهو جهاز زئبقي يعبر عن الضغط الجوي بوحدة المليمتر زئبق أو وحدة قياس تسمى بار أو مليبار، وبشكل عام هذا يدل على أن الهواء الجوي له وزن ويضغط على عاتقنا بشكل أو بآخر ولكن لا نستشعره لأن الضغط الجوي على الغنسان يتساوى مع ضغط جسم الإنسان على الهواء مما يزيل أي إحساس بضغط الهواء علينا.
حركة الهواء
عندما يتحرك الهواء فوقنا في الغلاف الجوي فإننا نشعر به على هيئة رياح، وهذه الرياح تنتج في الغالب بسبب حرارة الشمس التي لا تصيب الأرض بنفس درجات الحرارة، وكما نعلم أن الهواء الساخن يرتفع لأعلى والهواء البارد يهبط لأسفل مثل المياه تماما، فإن الهواء الذي لا يتأثر كثيرًا بحرارة الشمس يهبط للأسف ويتحرك ونشعر به خاصة في فصل الشتاء حيث قلة الحرارة الواردة إلينا من الشمس، بينما الهواء التي تسخن قليلا ترتفع لأعلى ولا نشعر بحرارتها ولا بحركتها حولنا في الشتاء.
مقاومة الهواء
كما أوضحنا أن الهواء الجوي له وزن وثقل وكينونة خاصة به، ولذلك فإنه قادر على مقاومة الأجسام التي تحيط به، ولذلك فإن الهواء الجوي يقاوم حركة الأجسام التي تتحرك خلاله، وتنشأ عن هذه المقاومة احتكاك الأجسام تلك بالهواء فنرى تاثير ذلك على حركتها، وعلى سبيل المثال قطعة الورق عندما نرميها في الهواء نجدها تتطاير يمينا ويسارا بسبب مقاومة الهواء لها نظرًا لانبساطها في الهواء الذي قد يرفعها ويجعله تتطاير لفترة طويلة.
وتعتبر مقاومة الهواء من أهم ما يدرسه علماء الفيزياء والمهندسون المتخصصون في مجالات تتعلق بالهواء، مثل مهندسي الطيران الذين راحوا يستفيدون بمقاومة الهواء في تطوير الطائرات عندما لاحظوا أن سرعة الطائرات منخفضة نسبيا بسبب اصطدام الهواء بالأجنحة وبالعجلات المطاطية للطائرة؛ فبدؤوا في تعديل اتجاه الأجنحة لكي يقللوا من مقاومة الهواء ويجعلوا حركتها أكثر انسيابًا، كما لجؤوا لإلغاء دعائم الأجنحة وأخفوا عجلات الهبوط في جسم الطائرة لئلا ترتطم بالهواء كثيرا.
انضغاط الهواء
ضغط الهواء من الاختراعات التي تمكن الإنسان من التوصل إليها في العصر الحديث، وساهمت كثيرا في تحقيق طفرات علمية كبيرة ساهمت في تيسير نقل الغازات المختلفة من مكان لآخر بهدف التصنيع وغير ذلك من المجالات، وقد استطاع الإنسان أن يحول الغازات المختلفة غلى هواء مضغوط في داخل أسطوانات أو خزانات فولاذية حتى يصل الضغط بها مئات أضعاف الضغط الجوي العادي، وفي تلك الحالة يطلق على الهواء اسم الهواء المضغوطـ وتبدأ سرعة ذراته وجزيئاته في التحرك بسرعة وقوة أكبر.
ومن الاستخدامات اليومية حولنا للهواء الجوي نجد أنه يساعد على نفخ العجلات والمفارش الهوائية، كما أن بعض الغواصين يتنفسون الهواء الجوي من أسطوانات خاصة مملوءة بالهواء المضغوط يتم تثبيتها على ظهورهم، والحقيقة أن هذه الاسطوانات الصغيرة تحمل داخلها هواءً مضغوطًا يصل حجمه إلى 1/200 من حجمه الأصلي، كما يتم استخدام الهواء المضغوط في أنابيب البوتوجاز، والفرامل، وفي علب المبيدات الحشرية، ورش الأصباغ، والحفارات، وغيرها من العدد الهوائية.