لطالما كانت الفلسفة اليونانية الإغريقية القديمة هي المرشد والموجه العام للفكر والوعي الإنساني خلال فترات طويلة جدًا عبر قرون عديدة مضت، وتتميز الفلسفة الإغريقية بعدد من المدارس التي تعبر عن مختلف ضروب وصنوف الفكر الإنساني، وتلك المدارس رغم أنها اختلفت فيما بينها إلا أنها عرضت أفكارًا منطقية تتسم بالحكمة والمبررات العقلية الفلسفية المقنعة بالحجج والبراهين.

المدارس الفلسفية الإغريقية
1- المدرسة الفيثاغورسية

لا شك أن “فيثاغورس” أحد الفلاسفة العظماء وهو عالم رياضي كبير، ويعتبر هو أول من استعمل كلمة فيلسوف وكانت تعني حب الحكمة، وكان الإغريق القدمء ينسبون الحكمة إلى الآلهة وحدهم، ويقول “فيثاغورس” في فلسفته أن العالم ما هو إلا عبارة عن أعداد رياضية، ويعتبر أن كل الأشياء والأغراض والموجودات في الطبيعة ما هي إلا أعداد، وقد اشتهرت الفلسفة الفيثاغورسية بأنها مذهب ديني توعوي عميق الرؤية والشعور، وقد اهتمت بموضوعات عديدة تتعلق بالرياضيات والطب والموسيقى والفلك.

2- المدرسة السوفسطائية
وهي مدرسة إغريقية ظهرت في القرن الخامس ما قبل الميلاد وكان ذلك تحديدًا بعد أن تغير نشاط المجتمع الأثيني وتحول من مجتمع زراعي تشوبه القبلية والإقطاع، إلى مجتمع تجاري يهتم بتطوير الصناعات والحرف والمهن المختلفة التي تعتمد على الكفاءة الفردية والقدرة على إقناع الآخرين، وحينها أخذ المجتمع في التطور وراح يلجأ لحرية التعبير واستخدام الشعارات والكلام والجدال في الحصول على صفقات وإقناع الآخرين بأفكار ومعتقدات بالية.

3- المدرسة السقراطية
كان اليونانيون القدماء يعتبرونه أبو الفلاسفة، ويعرفونه بانه من أنزل الفلسفة من السماء إلى الارض لأنه من تحرك لدراسة الكثير من القضايا التي تتعلق بالكون وأصل الوجود وحقيقته الغائبة عن البشر، وكان لفلسفة “سقراط” الفضل في تغيير مجرى الفلسفة ودمج الطبيعة بالكون بالسياسة بالبشر، وقد اختلف كثيرًا مع السوفسطائيين واعتبرهم يدافعون عن الشكوك المزيفة الغير منطقية، بينما سعى هو لاستبدال أفكارهم البالية بأفكار عقلية مقنعة تعتمد على دلائل ومؤشرات وبراهن ومبررات علمية.

4- المدرسة المثالية الأفلاطونية
بعد أن أحدث “سقراط” طفرة فلسفية كبيرة، جاء “أفلاطون” ووضع تصورات فلسفية عقلية مثالية لكنها ليست واقعية؛ فقد اعتقد “أفلاطون” أن الأولوية في كل الأمور تعود للفكر والعقل، بينما الموجودات الحسية لا وجود لها في الواقع وما هي إلا مجرد صورة مخزنة في العقل البشري، وقد قسم أفلاطون العالم إلى قسمين: العالم المثالي المتغير، والعالم المادي النسبي المحسوس.

5- مدرسة أرسطو المادية
يعتبر “أرسطو” أحد أعظم الفلاسفة الذين اتسموا بالفكر الموسوعي الشامل؛ فقد كانت فلسفته واسعة ومنفتحة على كل أنواع المعرفة والبحث العلمي، فقد كان يبحث في مختلف قضايا الفيزياء والأحياء والطبيعة والميتافيزيقا وعلوم النفس وعلوم الحياة والسياسة والشعر وكذلك فن الخطابة والمسرح وغيرها.

6- المدرسة الرواقية الاخلاقية
الفلسفة الرواقية الأخلاقية هو المصطلح الذي تم إطلاقه على الفلسفة التي ظهرت بعد “أرسطو”، وكانت تدعو إلى إرساء فن الفضيلة والاتجاه لتصنعها حتى إن لم تكن موجودة بشكل طبيعي، وفي تلك الفترة لم تكن الفلسفة كيانًا عامًا لكشف غموض الواقع ودراسته وتحليله، بل اتجهت لدراسة المقومات الأخلاقية وفقط، ويعتبر “سنيكا” أحد أبرز فلاسفة الرواقية الأخلاقية وله مقولة مشهورة يوضح فيها أن الفلسفة هي البحث عن الفضيلة نفسها، وبهذا تتحقق السعادة التي تمثلت في الزهد في اللذات ومزاولة التقشف والحرمان.

7- المدرسة الإپيقورية الاخلاقية العملية
هي فلسفة ظهرت بعد الرواقية الأخلاقية على يد تنسب “إبيقور”، وكانت تسعى تلك الفلسفة للحصول على اللذة والسعادة الحسية بأي شكل كان ولكن باستعمال العقل والمعرفة، واستندت تلك الفلسفة على المنطق والعقل واعتبرت أن المنطق هو الذي يسلم الإنسان إلى اليقين الذي به يطمئن العقل وعلى إثر ذلك تتحقق السعادة، وهذه الفلسفة تدعو للبعد عن الأفكار المرعبة المخيفة التي تتعلق بالموت والذعر والمرض وغيرها.

8- المدرسة الإسكندرية
بعدما بنى “الإسكندر المقدوني” مدينة الإسكندرية، أمر ببناء المكتبات فيها وأمر هو ومن خلفه من البطالمة بأن يتم تعمير تلك المكتبات وخاصة مكتبة الإسكندرية بالكتب النفيسة في مختلف العلوم والفنون والآداب، وكان من أبرز علماء هذه المدرسة أقليديس وأرخميديس واللغوي الفيلولوجي إيراتوستن.