انتشر العديد من الفنون الشعرية في بلاد الحجاز وكان من ابرزها ما عرف بشعر المحاورة، حيث كانت بدايته من بلاد الحجاز إلا أنه امتد لينتشر في العديد من مناطق شبه الجزيرة العربية، وقد حصد هذا النوع من الشعر الكثير من الجمهور والمتابعين والمحبين له واتخذ أكثر من تسمية إذ اطلق عليه بجانب شعر المحاورة الردية والقلطة.

ما هو شعر المحاورة

شعر المحاورة هو نوع من الكلام الموزن والمقفى والذي يوصل معنى أو له معني محدد، ويأتي بشكل مرتجل ويتم بين اثنين على الأقل وهنا يجب أن يعتمد الشعراء على النقض والفتل.

نبذة تاريخية عن شعر المحاورة

لم يستطع المهتمين بهذا النوع من الشعر من تحديد البداية الحقيقة له، ولكن انتشاره بشكل كبير ومعروف كان في القرون القريبة، حتى أنه ربما كانت البداية هى في شكل محاورة بين شاعرين وإن لم يكن اتضحت مقومات لهذا النوع من الشعر ولم يتم وضع قواعد وأسس له.

وقد عرف في منطقة الحجاز نوع من الشعر القريب الشبه بشعر المحاورة وهو شعر الرديح، إلا أن هذا النوع من الفنون الشعرية يعتبر بدائي مقارنة بشعر المحاورة ويعتمد على الكسرات وهو على طرق الهجيني البسيط، وبسبب بدائيته يمكننا القول بأنه غالبًا كان الأقدم في الظهور عن شعر المحاورة.

التسميات التي أطلقت على شعر المحاورة

أطلق على هذا النوع من الشعر أكثر من تسميها كان أحدثها تسميته بشعر المحاورة وهناك نوع من الاتفاق عليه.

الردية وهى واحدة من التسميات القديمة والتي أطلقت عليه لأن هذا النوع من الشعر يعتمد على الرد.

المبادعة وهى أيضًا من التسميات القديمة وتعني الإبداع في نظم القوافي والارتجال.

قلطة وأطلقت هذا التسمية على شعر المحاورة في المنطقة الشرقية من المملكة أي أن تلك التسمية غير حجازية، وتعتبر تلك التسمية غير مناسبة لأنها ليست كالتسميات السابقة فلا تعبر عن المعنى أو المضمون لشعر المحاورة، فقلطة مشتقة من أقلط ومعناها تفضل بالدخول أو تفضل للطعام وهى معاني بعيدة تمامًا عن مفهوم شعر المحاورة، لذا فتلك التسمية رغم أن البعض يستخدمها إلا أنها تسمية خاطئة سواء في المعني أو الأصل فبما أن هذا الشعر حجازي فيفضل استخدام التسميات الحجازية له.

أركان شعر المحاورة

قيل في أركان شعر المحاورة بأنه يقوم على ثمانية أركان تتمثل في:

الوزن : يعرف بالطرق وهو من الاركان التى يجب الالتزام بها ايًا كانت.

القافية :  تمثل الوقفات في الأبيات الشعرية لشعر المحاورة، وفي أغلب أنواع شعر المحاورة نجدها وقفتين في شطر كل بيت.

الفتل : هو القول الأول الذي ينتظر الرد عليه.

النقض : الرد الذي يتم على الفتل ، والفتل والنقض موجودان كأركان في هذا النوع من الشعر لإثبات الارتجالية في النظم ويستمر الحال بين الشعراء في فتل ونقض حتى تنتهي القوافي أو تنتهي المعاني.

المعنى : يمثل المقصود من المحاورة ويتم فيه الدفن والكشف.

اللحن : هو القدرة على قول الأبيات الشعرية في شكل مغنى أو منغم.

الارتجال : أي أنه لا يتم تحضير الأبيات بشكل مسبق.

أنواع شعر المحاورة

يمكنا تقسيم المحاورة إلى نوعين حسب المعنى هما:

شعر محاورة فاضلة 

هذا النوع من المحاورة يعتمد على معاني سامية أيًا كان موضوع المحاورة سياسي أو اجتماعي أو شعري وسواء كانت المعاني مدفونة أو مكشوفة.

شعر محاورة فضولية 

هذا المحاورات هى محاورات نوعا ما ليست جيدة إذ تعتمد على التغيرات القبلية والشتم والسب والقذف والذم ويأتي بشكل مباشر.

مصطلحات مرتبطة بشعر المحاورة

الفتل والنقض : يمثل الفتل بيت شعر على أن يكون قابل للنقض، أما النقض فهو بيت شعري للرد على الفتل.

الدفن : يقصد هنا الرمزية أو التورية أو الحديث عن المعنى بشكل فيه نوع من الألغاز إلا أن هذه الرمزية لا تتجلى ويظهر جمالها إلى في حال وصل المعنى المبطن للشاعر الآخر حتى يتم الرد عليه في نفس السياق.

الموال : يعتبر فن الموال من العناصر الجديد نوعًا ما التي أدخلت على شعر المحاورة وقام بإدخاله عليه الشاعر بكر الحضرمي، والشاعر عمر الهذلي، والشاعر حبيب العازمي وقد عرف هذا النوع ضمن أنواع الشعر النبطي أو الشعبي في بلاد الحجاز على أنه تم إدخال بعض التطوير عليه ليتناسب مع شعر المحاورة فيما يخص الوقفات والأشكال وإدخال الفتل والنقض عليه وربما هذا ما ساعد على زيادة انتشار شعر المحاورة بسبب الشعبية الكبيرة لفن الموال.

الصفوف : عادة كان في الماضي يأتي كل شاعر بعدد من الصفوف لترديد الابيات وهو ما يعرف بشيل البيت فكانوا قديما يجلسون في شكل دوائر تلتف حول الشعراء الذين يقومون بالمحاورة أمنا الآن ومع التقدم التكنولوجي وظهور مكبات الصوت أصبحت الصفوف تجلس في شكل خطوط مستقيمة ولكن للأسف يتسبب بعض الشباب في أظهار مظهر الصوف بشكل غير منتظم بسبب قيامهم ببعض الحركات الدخليلة على هذا النوع من الفنون كما أن البعض يمكن أن يمتنع عن شيل البيت بسبب تعصبه لشاعر معين.

شعراء المحاورة

محمد الجبرتي ويقال فيه بأنه أفضل شاعر في شعر المحاورة على مر التاريخ إلى جانب مجموعة من الشعراء الذين يعدون من أعلام هذا النوع من الفنون الأدبية الشعرية ومنهم:

مرشد البذال.

مطلق الثبيتي.

بكر الحضرمي.

رشيد الزلامي.

صياف الحربي.

جار الله السواط.

فيصل الرياحي.

حبيب العازمي.

مستور العصيمي.

عبد الله العير.

عيد بن مربح.

عبدالله بن شايق.

سلطان الهاجري.

سعد البقمي.

محمد السناني.

عبدالله المسعودي.