تركزت العديد من الدراسات المعاصرة حول طبيعة التغير الاجتماعي و الثقافي ، و ما هي العوامل المؤثرة فيها و قد أرجع العديد من الباحثين هذه التغييرات إلى عدة عوامل فما هي هذه العوامل ؟ و كيف يحدث التغير ؟

التغير الثقافي و الاجتماعي الحتمي
و هذه النظرية للتغير الثقافي و الاجتماعي ، قد تم وصفها بأنها نظرية اختزالية لأنها تعتمد على عامل واحد فقط ، و لذا تعرف بالنظرية الحتمية ، و هذه النظرية تعتمد على أفتراض أن كافة الأمور تكون محددة مسبقاً ، و أن مهمة الباحث لمعرفة التغيير هو تفهم هذا العامل ، أو السبب في حدوث هذه التغيرات و الظواهر .

الحتمية الجغرافية للتغير الثقافي و الاجتماعي
هناك نظرية قديمة أو اعتقاد بأن هناك علاقة تربط طبيعة الطقس أو المناخ الذي يعيش فيه إنسان ، ما بتطوره الاجتماعي و الثقافي ، و هنا أرجع العلماء و الباحثون هذه النظرية للتشابه الموجود بين مجموعة من البشر أو جنس ، ما يعيش في مكان ما ، و من أشهر العلماء في هذه النظرية العالم هنتنجتون ، الذي اعتمد على طبيعة الأختلاف و التشابه بين البشر ، مع إختلاف المجتمعات ، فمثلاً قد تجد أن الشخصيات الذين يعيشون في الأماكن الصحراوية ، و البادية تختلف طبيعة أجسامهم و سلوكهم و طبيعة حياتهم و تطورها ، عن الذين يعيشون في المدينة و كذلك الحال من بلد لآخر .

الحتمية البيلوجية للتغير الاجتماعي و الثقافي
و هذه الحتمية اعتمدت على فرضية تعمل على تقسيم العالم لأجناس ، و أرجعت تطور الحياة الاجتماعية و الثقافية ، إلى هذا التقسيم أي أن التطورات البيلوجية التي تحدث في مجتمع ، تختلف عن آخر تبعا لجنس الساكنين فيه ، و قد كان من أشهر من زعم هذه الفكرة ، دي جوبيون و الذي ربط اختلاف السلالات البشرية باختلاف تطورات الشعوب ، و قد أرجع هذا الأختلاف البيلوجي إلى ، أثر التفاوت الوراثي بين الأفراد ، و أثر الأختلاف في القدرات النفسية و الجسمية و العقلية و أثر الأختلاف الصحي ، و غيرها من الآثار التي ترجع للأختلاف البيلوجي .

و قد واجهت هذه النظرية عدد من الانتقادات ، و كانت هذه الانتقادات على النحو التالي :

بعض الأنتقادات التي وجهت لنظرية الحتمية في التغير الاجتماعي و الثقافي
1. تعد هذه النظرية نظرية اختزالية ، لأنها تعتمد على عنصر واحد الذي يتحكم فيها .
2. انتقدها البعض لأنها نظرية متحيزة ، و ذلك لأنها تعمل على تبرير بعض الأفكار .
3. النظرية كانت سبب في العديد من الصراعات بين الشعوب .
4. النظرية كانت سبب في الوصول للعنصرية السياسية ، و التي نعاني منها حتى اليوم .

النظرية التطورية للتغير الثقافي و الاجتماعي
و قد بدأت هذه النظرية في الانتشار أثناء القرن التاسع عشر ، و كانت توازي النظرية الحتمية و قد تم تقسيمها إلى بعض النقاط التالية :

النظرية الخطية للتغير الثقافي و الاجتماعي
و هذه النظرية تهتم بالتحولات التقدمية التي تساعد على الوصول لهدف محدد ، في النهاية عبر العديد من الخطوات الثابتة و المراحل المحددة ، و قد كانت الفلسفة الإغريقية أول من زعم هذه الفكرة ، و تعتمد مراحل التطور على التركيز على عنصر واحد ، في المجتمع سواء في الناحية الثقافية أو الاجتماعية ،و تحديد المرحلة الزمنية التي ساعدت على تطورها ، بعدها يتم التفكير في كافة العوامل التي ساعدت على هذا التطور ، مثل التحول من الرأسمالية للأشتراكية و كيف كان .

النظرية الدائرية للتغير الثقافي و الاجتماعي
و يذهب أصحاب هذه النظرية إلى أن التغير الثقافي و الاجتماعي ، يحدث على شكل دائري أي صعوداً و هبوطاً ، و من أصحاب و مشاهير هذه النظرية ، ابن خلدون و شبنجلر ، حيث يرى ابن خلدون أن المجتمع بأسره يشبه مراحل نمو الفرد منذ ولادته و حتى وفاته ، و أن لكل دولة عمر كالأشخاص تماما فمهما طال عمر الدولة فسوف تنتهي حتما.