الفردُ والمجتمعُ عُنصران مُترابطان لا ينفكّ بعضهما عن الآخر؛ فكما أنّ المُجتمعَ بلا أفرادٍ مُجتمعٌ ذاوٍ مُتهدّم، فإنّ الأفرادَ كذلك بنيانُهم متصدّعٌ بلا مُجتمع يجمعهم؛ فالله خلقَ الإنسانَ اجتماعيّاً؛ أي لا يقوى على العيش وحيداً، والفردُ حسب النظريّة الاجتماعيّة التفاعليّة غير قادر على تَعلُّم الأشياء بمفرده بمعزلٍ عن المجتمعِ حوله؛ حيثُ يحتاجُ توجيهاً وتشاركاً مستمرّين مع من حوله من أفراد مجتمعه؛ ليكتسب من ذلك خبراتِه، ويصنعَ معارفَ جديدةً.
أهمية التعاون بين أفراد الأسرة
التعاون أمر في غاية الأهمية، فلابد من وجود تعاون بين أفراد المجتمع الواحد وتعاون بين الحكومة والأفراد وتعاون أيضا بين حكومات الدول المختلفة، ولكن مفهوم التعاون الصحيح ينشأ من داخل الأسرة فالأسرة التي يتعاون أفرادها من أجل إستمرار حياتهم معا، هم اشخاص يعرفون المعنى الحقيقي للتعاون وعلى دراية بأهمية التعاون بين أفراد الأسرة والتي تتمثل في التالي:
– التعاون بين أفراد الأسرة في كل الأمور الكبيرة والصغيرة يساهم في جعل الروابط الأسرية بين أفراد الأسرة قوية جدا، فمساعدة الزوج لزوجته في أعمال المنزل تجعل الزوجة تقدر حب الزوج لها، كما أن مساعدة الزوجة لو كانت عاملة مع زوجها في مصاريف المنزل تجعل الزوج يشعر بأن زوجته تراعي ظروفه وتقدره.
– وجود زوج وزوجة متعاونين في كل أمور الحياة وبينهم محبة وتفاهم يساهم في جعل أبنائهم أشخاص أسوياء في المجتمع وأشخاص فعالين يعتمد عليهم.
– جو المحبة والتعاون داخل الأسرة له نتائج إيجابية على الأطفال وعلى الصحة النفسية للطفل، فيدرك الطفل بطريقة غير مباشرة أهمية التعاون فيتعاون مع زملائه في الدراسة وعندما يكبر يصبح قادر على التعاون مع فريق العمل.
– عندما يكون للأطفال دور في الأسرة ويكونوا هم أيضا على دراية بكل أمور الأسرة ويتعاونو مع الأم والأب حتى ولو في الأمور البسيطة، سوف يدركو مسئولياتهم ولن يتخلوا عنها، وعندما يكبروا سوف يكونوا سند حقيقي للأب والأم.
– الأسرة المتعاونة أسرة قوية قادرة على تحدي الصعاب وبين أفرادها ترابط قوي لا يمكن كسره مهما حدث.
– عندما يتعاون الطفل مع أمه مثلا في إعداد السفرة أو مع والده في إصلاح شئ بسيط في المنزل كأن يناوله شئ ما، فسوف يشعر الطفل بأهميته وبأن له دور هام جدا في الأسرة وأن أسرته لا يمكن أن تتخلى عنده، مما يزيد من ثقته في نفسه.
أمثلة على التعاون بين أفراد الأسرة
يوجد الكثير من الأمثلة على التعاون داخل نطاق المنزل والأسرة، منها:
– عندما تتعاون الزوجة مع زوجها في الإنفاق على الأسرة، مع إن هذا الأمر مسئولية الزوج، ولكن إذا كان الزوج يبذل كل ما في وسعه ولكن مرتبه قليل، فتعاون الزوجة مع زوجها من أجل إستمرار حياتهم معا أمر هام، وهو من صور التعاون الأسري، والتي تساهم في زيادة المودة بين الزوجين.
– مساعدة الزوج لزوجته في أعمال المنزل إذا كانت الزوجة مريضة أو حتى كانت تعمل مثله، فيعود الإثنان من العمل ويتعاونان في إعداد الطعام أو ترتيب المنزل، فتشعر الزوجة بأن زوجها يشعر بها وبتعبها، وبالتالي فسوف تكون الروابط بينهما قوية ولن تؤثر فيها أي مشاكل أو ظروف صعبة.
– مساعدة الأبناء للأم في المطبخ كأن يقومو بوضع الأطباق على السفرة وإعداد طاولة الطعام، أو مساعدة الأم في إعداد وجبة خفيفة مع مراعاة الأم لأمان الطفل، أو حتى مساعدة الطفل في ترتيب غرفته وترتيب لعبه، فيتعلم منذ الصغر أهمية التعاون والإعتماد على النفس.
– مساعدة الأم لأبنائها في مذاكرة دروسهم وعمل واجباتهم المنزلية وتنفيذ الأنشطة التي تطلبها المدرسة أمر في غاية الأهمية، ويشعر الطفل بمدى إهتمام الأم بأبنائها وبمستقبلهم.
حكم وأقوال عن التعاون
– قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
– حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا.
– ساعدوا بعضكم بعضاً، فواحدكم ليس وحيداً في الطريق، بل هو جزء من قافلة تمشي نحو الهدف.
– معاً، يمكن للناس العاديين تحقيق نتائج غير عادية.
– التعاون قانون الطبيعة.
– تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو نسوا فذكِّروهم.
– قال أبو حمزة الشَّيباني لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟ قال: هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم.
– التَّعاون على البرِّ داعية لاتّفاق الآراء، واتّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد.
– فضيلة الفلَّاحين التَّعاون بالأعمال، وفضيلة التِّجَّار التَّعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التَّعاون بالآراء والسِّياسة، وفضيلة العلماء التَّعاون بالحِكَم.
– إن التعاون الصادق والسخي هو أفضل طريقة لتحقيق التطلعات المشروعة لكل شخص وتحقيق أهداف جماعية عظيمة للصالح العام والمصلحة العامة.