رهام علي حكمي ، طفلة بريئة لم تتعدى سن الخامسة عشر ، مصابة بمرض أنيميا المنجلية ، فتضطر إلى الذهاب للمستشفى لتغيير دمها بصفة دورية .. بإهمال طبي فادح ، أصيبت بمرض نقص المناعة المكتسبة ” الإيدز ” وقد أثارت قضيتها الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي ، فكيف حدث هذا ومن المسئول ؟ وماهي الإجراءات التي اتخذت جراء هذه الجريمة ؟ لنتعرف سويا على قصة رهام حكمي ومعاناتها .
القصة :
تقول رهام حكمي في إحدى لقاءاتها الصحفية حول قصة نقل الدم الملوث لها ، بأنها معتادة للذهاب سنويا إلى مستشفى جازان العام ، لتغيير دمها هي وإخوتها المصابين جميعا بمرض الأنيميا المنجلية ، فذهبت في يومٍ إلى طوارئ المستشفى كعادتها وكانت الساعة حينذاك الحادية عشرة قبل منتصف الليل ، فقامت إحدى الممرضات في المستشفى بإدخال الإبرة في يدها اليسرى لتزويدها بكيس دم كامل ، وأخبرتها أن تنام إلى أن ينتهي الوقت المفروض لنقد الدم إلى جسمها ، وبعد الانتهاء قام طبيب من قسم الطوارئ بعمل فخصا شاملا قبل خروجها من المستشفى .
عادت رهام إلى منزلها ، وبعد يومين أحست بألم كبير مختلف عن الألم التي تشعر به يوميا جراء مرضها ، فاصطحبها خالها بسيارة الإسعاف إلى مستشفى الملك فهد المركزي ، وكان الخوف ينتابها حينها ، حيث وجدت طاقم طبي كبير في انتظارها ، وفوجئت بأنه تم وضعها في غرفة التنويم ، واتضح بالتقارير الطبية والتحاليل بأن رهام كان قد نُقل لها دم من متبرع مصاب بفيروس نقص المناعة المكتسبة HIV (الايدز) عن طريق الخطأ ! .الصحة على موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر ” أنه تم تكليف فريق للتحقيق في الحادثة ، مؤكدة في بيان لها بأن عملية نقل الدم جرت بخطأ فردي من أحد العالمين بمستشفى جازان العام ، وقد تبين من خلال التحقيق أن الدم الملوث هو من متبرع وليس من المركز نفسه ، حيث أنه آخر كيس دم تم استيراده كان بسنة 1985 ، وأن المتبرع هو شاب سعودي هارب تبرع قبل سنة بكيسين دم لمستشفى الملك فهد المركزي ، وقد تم إبلاغه بأنه مصاب بالإيدز إلا أنه لم يهتم للأمر وتبرع مرة ثالثة لمستشفى جازان العام وهو الكيس الذي نقل للطفلة رهام . كما تبين بأن الممرض الذي زود رهام بالدم يعمل بالمختبر نفسه وهو جارٌ لها في الحي ، لم يكن يعرف بأن الدم ملوثا بفيروس الإيدز وكان هدفه مساعدة أسرة المريضة حيث قام بسحب الدم لنقله قبل تسجيله .
ومن جانب آخر فقد أصدرت الوزارة قرارات بإعفاء بعض القيادات الصحية بمنطقة جازان مثل مدير مستشفى جازان العام والمدير الطبي بالمستشفى ومدير المختبر وبنك الدم وتغريمه بمخالفة 10.000 ريال ، كما تم إعفاء المشرف الفني على بنك الدم وتغريمه أيضا 10.000 ريال ، وإعفاء منسق برنامج الإيدز في المنطقة وتغريمه 10.000 ريال ، وإقالة مدير المختبرات وبنوك الدك بالمنطقة ، كم تم إغلاق التبرع ببنك الدم في مستشفى جازان العام إلى حين تصحيح الوضع وتقييمه من الجهات المختصة ، وإعادة هيكلة إدارة المختبرات وبنوك الدم في صحة جازان ، وقد تم تكليف الإدارة العام للمختبرات بتشكيل إدارة جديدة في المنطقة .
وقد أحيلت القضية إلى الهيئة الصحية الشرعية في منطقة جازان للحق الخاص ، وإحالة المتبرع المصاب للجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة .
والجدير بالذكر أن وزير الصحة السابق الدكتور عبدالله الربيعة قام بزيارة الطفلة رهام ، والتقى بأسرتها ليبلغهم عن خطة العلاج ومراحلها للطفلة ، كما أهدى للطفلة ريها جهاز ” ايباد ” بصفة شخصية .الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض ، أظهرت خلو دم الطفلة من الفيروس ، حيث أجريت لها ثلاث فحوصات على فترات وأكدت النتائج في مختبرات مايو كلينيك الأمريكية بأن نشاط الفيروس خامل ، وقد تم الاستعانة بطبيب أمريكي من جامعة هارفرد يدعى بريفم اندومن لعمل فحوصات دقيقة جدا تسمى single copy test ، فظهرت النتيجة بأنه لا وجود لنشاط فيروس الايدز في دم الطفلة رهام .
وقد أصدرت مستشفى الملك فيصل التخصصي بيان لها بشهر أغسطس 2013 ، بأن التشخيص المبكر للحالة والعلاجات الوقائية التي تناولتها من مضادات للفيروس تحت إشراف طبي وعناية كاملة ، أدى إلى انخفاض الفيروس تدريجيا من دم الطفلة إلى أن اختفى تماما منها .
حكم الهيئة الطبية الشرعية :
صدر الحكم النهائي بقضية تعويض الطفلة رهام حكمي من قبل الهيئة الطبية الشرعية في منطقة جازان والذي ينص على تغريم الأطباء والفنيين الذين تعاملوا مع حالة رهام في مستشفى جازان العام مبلغ وقدره 500 ألف ريال يتم دفعها لصالح الطفلة ، وقد صرح محامي الطفلة ” إبراهيم الحكمي ” بأن التعويض يعتبر قليلا جدا إذا تمت مقارنته بالجرم الذي وقع على الطفلة وأسرتها .