في العصر الأندلسي تطور الأدب بشكل واسع وكبير من جميع الاتجاهات ، حيث وصلت لمرحلة أن ما يجب أن يتم بعدها هو هبوط أو جنوح ، فكان عصر تعددت فيه أسماء الدارس الأدبي ، وتكاثرت فيه المراكز الأدبية بعد أن كانت قرطبة هي المركز الأول في الناحية الأدبية ، وكثرت الدواوين وتعدد الوزراء ، والشعراء ، وفي هذا المقال نستعرض الأدب الأندلسي بالتفصيل.
عوامل ازدهار الأدب الأندلسي
ساهمت العديد من الأسباب في ازدهار الأدب الأندلسي منها :
البيئة الاجتماعية
قامت البيئة الاجتماعية بالتأثير على الأدب الأندلسي بشكل ملحوظ ، وقد ذكر في التاريخ أن بعضا من أهل الحرف والصناعات شاركوا في البيان ، وكانوا من أهل الحكمة ، ويجري على ألسنتهم الكلام العذب.
الطبيعة الأندلسية
الطبيعة هنا المقصود بها المناخ ، والجبال ، والتربة ، والجو ، والنبات ، والأنهار ، وغيرها ، فقد رزق الله سبحانه وتعالى الأندلس بما يخطف القلوب من جمال ، فقال عنها المقري: “وقال الرازي. – ما نَصُّه: إن الأندلس في آخر الإقليم الرابع من الأقاليم السبعة ، التي هي معمور الدنيا ، فهي موسطه من البلدان ، كريمة البقعة ، بطبع الخلقة ، طيبة التربة ، مخصبة القاعة ، منجسة العيون الثِّرار ، متفجرة بالأنهار الغزار ، قليلة الهوام ذوات السموم ، معتدلة الهواء أكثر الأزمان ، لا يزيد قيظها زيادة منكرة تضرُّ بالأبدان ، وكذا سائر فصولها في أعم سنيها تأتي على قَدْر من الاعتدال ، وتوسط من الحال ، وفواكهها تتصل طوال الزمان فلا تعدم ،…. ومن بحرها بجهة الغرب يخرج العنبر الجيد…. ، وبها شجر المحلب…. ، وقد زعموا أنه لا يكون إلا بالهند وبها فقط ، ولها خواص نباتية يكثر تعدادها.”
التنافس الأدبي بين الأندلس والمشرق
سعت كل بلد في المنافسة في مجالات الفنون والآداب والعلوم ، لذلك كانت الأندلس تعمل بكل ما بها من طاقة ، من أجل أن تكون مستقلة بشكل كامل عن المشرق ، فلا تكون في المؤخرة ، ولا تكون عاجزة ، ومنذ اليوم الأول عملت على إنشاء حضارة خاصة بها ، فتسابقت في العمران ، وتباريه في النهوض ، وتسبقه في الأدب ، فلم يكن أحد يضيع أي وقت من أجل اللاحق بسباق المنافسة ، فكانت الروح الموجودة بها هي الروح الجبارة الكفيلة بتحقيق حلم الأندلس من استقلال فكري وأدبي.
وعي الحكام بقيمة الأدب وأهميته
عرف الحكام قيمة الأدب فكانوا ذو فكر ناضج ، وذهن ثاقب ، وزوق رفيع ، فعملوا على تجميع القلوب والعقول حولهم ، من أجل تثبيت حكمهم ، والعمل بالنهضة ببلاد الأندلس ، فقاموا باستقدام العلماء ، ودفعوا لهم الأموال والهدايا والعطايا من أجل رفعة البلاد ، فتجمع كل تلك العوامل معا كان كفيلا بأن يجعل من الأندلس مكانا للأدب الرفيع ، والتراث العريق ، والإنتاج الفكري المحترم ، الذي تخرج منه حضارة الأمم. ولهذا أصبح يأتي للأندلس من كل مكان مواكب الراحلين ، من العلماء والأدباء ، والتلاميذ ، بقصد النعم والتزود بالعلم.
تشجيع الخلفاء والحكام للعلماء والأدباء
عمل تشجيع الخلفاء والحكام للأدباء والعلماء على نهضة البلاد في التربية ، والصقل أذواقهم ، وجعلهم ممن يتعمقون أكثر في كل المجالات ، وكان من الملاحظ هناك أنه لا يوجد مدرسة تحثهم على التعليم ، فقد كانوا يقرؤون في كل المجالات في العلوم والدين والأدب والفلسفة والتنجيم ، ولكن كانت العلوم ذو الحظ الأكبر لديهم وبالأخص الفلسفة والتنجيم ، حيث أطلقوا على الكاتب فقيها ، وأعتمد كلقب لكبار العلماء والأدباء.
أعلام الكتّاب في الأندلس
من أبرز أعلام الكتاب في الأندلس هم:
1- ابن عبد ربه: وكان شاعرا وكاتبا ، كتب في النثر “العقد الفريد” وقسمه إلى 25 بابا ، وجعل لكل بابين منها أسم جوهرة لتقابلهما في العقد.
2- ابن شهيد: كان شاعرا وكاتبا ، ومن كتابته النثرية “رسالة في الحلواء” و “حانوت عطار” و “رسالة التوابع والزوابع”.
3- ابن حزم: كان شاعرا وكاتبا ، وتناول في كتبه النثرية العديد من موضوعات الفقه والأدب ، والأنساب ، والتاريخ.
ابن سيْدَة: كان أعلم الناس باللغات الغريبة ، ومن أشهر ما كتب ” المخصص” و “شرح مشكل أبيات المتنبي”.
4- ابن عبد البر: كان من قرطبة ، وأشتهر برسائله التي تتجه إلى اتجاه سياسي أكثر ، كما كان يكتب عن أمور الصداقة والمودة.
5- ابن زيدون: كان يفضل كتابة الكتب الهزلية كما فعل الجاحظ في رسالة التربيع والتدوير.
6- تمام بن غالب بن عمر: هو من أعلام النحويون ، وعرف باسم ابن التياني نسبة إلى التين وبيعه.