يعتبر العين و الحسد أسوأ ما في النفس الإنسانيّة من عيوب، هما آفتان يشتركان في كونهما فعلان خاطئان حرّمتهما الشرائع السماويّة والتعاليم الدينية، لما لهما من آثارٍ سيئة وذميمة، وأضرارٍ وعواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، وهما شران يعبرانٌ عن تطلعات النفس الخبيثة والعقل الحبيس رغبات الجسد وطمع النفس، ورغبتها في زوال النعمة عن أصحابها، وعلى الرغم من كونهما يشتركان في عددٍ من الوجوه إلاّ أنّهما يختلفان عن بعضهم في وجوهٍ أخرى.
تعريف العين
العين معناها من عان الشيء: أَصَابه بعينه فالمصِيب عائن، وهو مِعيان، وعَيون والمصاب مَعِين، ومعيون، وقد ورد لفظ العين في السنة النبوية المطهرة في قوله عليه الصلاة والسلام: (العين حقٌ ولو كان شيء سابقَ القدَرِ لسبَقَتْه العين). والعين مرض خطير وعادة مرزولة، يمكنه أن يضر المجتمع ويصيبه بأبشع البلاء.
تعريف الحسد
أما الحسد فهو تمنّي الحاسد زوال النعمة والخير عن المحسود المستحق لها والمتنعم عليه بها، وأحينا يسعى الحاسد مجرورا بحقده وحسده لإزالة النعمة ودفعها عن صاحبها المتنعم بها، وقد ورد لفظ الحسد في القرآن الكريم في سورة الفلق في قوله تعالى: (وَمِن شَرِ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، كما ورد في حديث شريف في قوله عليه الصلاة والسلام (لا تَباغَضوا ولا تحاسَدوا) ، والحسد من الآثام التي حرمها الدين تحريما قاطعا لا لبس فيه بسب شروره وأضراره التي تلحق بالمجتمع الدمار إذا تفشي فيه هذا الوباء المترتبة.
مراتب الحسد
الأولي: وفيها يتمني الحاسد زوال النعمة على المنعم عليه، دون أن يتمني أن تنتقل له.
الثانية: وفيها يتمني الحاسد زوال النعمة عن المنعم عليه، وحصوله عليها.
الثالثة: وفيها يتمني الحاسد حصوله على مثل النعمة التي عند المنعم عليه، حتى لا يحصل تفاوت بينهما، فإن لم يستطع حصوله عليها تمنى زوالها عن المنعم عليه، دون أن تنتقل له.
الرابعة : وهو حسد مجازى يسمي حسد الغبطة، يكمن في تمني الحصول على مثل النعمة التي عند المنعم عليه، من غير أن تزول عنه.
وهو ما قال عنه رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – :”لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن، فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له، فقال: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل”، رواه بخاري.
الاختلاف بين الحسد والعين
ويتمثل الاختلاف ما بين معنى الحسد والعين فيما يلي
1 – الحسد أعم من العين، لذلك يمكننا أن نقول أنّ العائنٍ حاسد، لكن لا يمكننا القول أن كلّ حاسدٍ عائن، لكون العين أشمل وضررها أكبر، ولذلك جاءت آيات القرآن الكريم في الاستعاذة من شرّ الحسد لشمول العين في معناه.
2- العين تكون على المادي المعين، المشاهد والموجودٍ فعلاً، والذي تقع عليه أشعة الحقد من العين، بينما لا يشترط ذلك في الحسد، فقد يحسد شخص شيئا غير متحقق أو ليس له وجود مادي، إذ من الممكن أن يحسد الحاسد قبل وقوع الشيء.
3- العين مصدرها اشتعال شرر النظر وأشعة الحقد والكراهة المرتبط بالنفس الخبيثة والروح الشريرة، أما الحسد فمصدره تمني النفس ورغباتها التي تسيطر عليها وتأسرها.
4- أحيانا يقع ضرر العين على من يحبهم الإنسان من ولدٍ أو مالٍ أو غير ذلك، بينما الحسد لا يقع على من يحب الإنسان.
5- خلاصة هذه الاختلافات أن تأثير العين أشدّ ضرراً من الحسد.