عندما نتحدث عن الإرادة القوية والشجاعة ، ومواجهة أصعب الظروف والمواقف التي نتعرض لها في حياتنا ، أول ما يدور في خاطرنا ، هو شخصية نسائية ارتبط اسمها باسم الشجاعة والتحدي ، فسنتذكر فورا الدكتورة ” سامية العمودي ” ، التي شاع اسمها في جميع الأوساط الإعلامية والمجتمعية ، حيث كانت مثال للتحدي ومثال للمرأة القوية التي استطاعت أن تهزم أعنف أنواع الأمراض وأخطرها ، وهو مرض السرطان ، دعونا نتعرف على هوية المرأة الشجاعة ، وقصتها مع هذا المرض وكيف حاربت شراسته بكل قوة وشجاعة .
نبذة تعريفية عن سامية العمودي :
سامية العمودي ، مستشارة في قسم التوليد وأمراض النساء في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة ، وهي ناشطة عالمية في مجال حملات التوعية لسرطان الثدي ، كما أنها رئيسة مركز الشيخ محمد حسين العمود للتميز في سرطان الثدي ، وعضوة في اللجنة التنفيذية للمبادرة العالمية في صحة الثدي بالولايات المتحدة ، ومشرفة على الكرسي العلمي لأبحاث سرطان الثدي في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة . اشتهرت على المستوى العالمي في هذا المجال خاصة بعد إصابتها بسرطان الثدي في عام 2006 ، وذلك تحت شعار ” نحو العالم الأول في صحة المرأة ” ، وقد نشرت قصتها مع مرض السرطان في 31 مقال بعمودها الأسبوعي لتوعية المجتمع لهذا المرض وكيفية التعامل معه وطرق التحدي ومواجهته ، وقد ألفت العديد من الكتب باللغتين العربية والإنجليزية في نفس المجال ، ولعل من أفضل مؤلفاتها كتاب ” الناجيات من سرطان الثدي في السعودية ” ، وقد أعدت حملات توعوية كثيرة في القنوات الفضائية والبرامج التلفزيون من خلال قصتها مع المرض .
قصتها مع مرض السرطان :
أصيبت سامية العمودي بمرض سرطان الثدي في عام 2006 ، وقد قابلت خبر إصابتها بالمرض بكل شجاعة وقوة ، وأعلنت عن إصابتها به عبر جميع وسائل الإعلام لتعلمنا من خلالها قصة كفاح وتحدي ومواجهة لأصعب الظروف ، فعلمت قرائها معنى الصبر والإيمان بقضاء الله وقدره بلا حدود ، ولم تخجل من مرضها ، بل أعلنت عنه وعاشت قصتها بتفاصيلها مع مواجهة المرض بآلامه وبشاعته وشراسته ، وذلك من خلال مقالاتها اليومية التي كانت تكتبها في عامود صفحة جريدة المدينة ، واستثمرت بلائها بالمرض لصالح المجتمع بأكمله لتبعث الأمل في روح كل من هو مصاب ، لتخفف عنه آلامه ووجعه من خلال عزيمة وإرادة وإيمان يتمكن من خلاله المريض أن يصل لبر الأمان وينتصر على هذه الافة الشرسة . كما كانت تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي مثل التويتر لتنشر أحداث مواجهتها للمرض بالتفاصيل من جميع النواحي الطبية والاجتماعية .
ومن بعد جولاتها ووصلاتها لنشر قصة تحديها وإرادتها مع مرض السرطان ، فقد قدر لها المجتمع بأسره شجاعتها ، وخاصة في المجتمع السعودي شعبا وحكومة ، فنالت درع شخصية عام 2014 في قضية السرطان ، من قبل جمعية زهرة للأميرة هيفاء الفيصل ، وتم تصنيفها عالميا كأشجع امرأة في العالم سنة 2007 وذلك عن تحديها وشجاعتها في مواجهة مرض السرطان ، كما كانت المرأة العربية الأولى التي حصلت على جائزة من الحكومة الأمريكية عن شجاعتها ، وتم تصنيفها عربيا كأول امرأة تتحدث عن إصابتها بمرض السرطان .
عودة المرض :
بعد تسع سنوات من العيش بسلام بعد رحلة العلاج والانتصار ، تعود سامية العمودي من جديد مع رحلة جديدة للتحدي والشجاعة لمواجهة المرض ثانية فكان قدرها أن تصاب به مرة أخرى وتستأصل مكان الورم كاملا ، والمدهش في الموضوع أنها أكثر إصرارا وأكثر تقبلا وشجاعة وتحديا في هذه المرة مما سبق ، وقد غردت على حسابها في تويتر بكل تفاؤل وشجاعة بخبر عودة المرض ثانية ، ودعت رب العالمين بأن يمنحها الوقت لتكون بين أبنائها ، وتكون عونا لمرضى السرطان ، ولتعمل جاهدة لمرضاة الله سبحانه وتعالى ، وبكل إيمان ومحبة قالت بأنها أسلمت روحها وجسدها لخالقها ، كما قالت في إحدى التدوينات بأنها ليست حزينة وراضية بقضاء الله وقدره . والجدير بالذكر بأن الدكتورة تواصل حياتها ومهامها بشكل طبيعي ، وكان آخر ماقامت به من فعاليات هو حضورهاه لمعرض الكتاب في الرياض لتوقيع كتابها الجديد ” مذكرات امرأة سعودية ” .
وهذه مقتطفات من عباراتها عبر حسابها على تويتر :
” لا أعرف كيف أجمّل حروفي الليلة يا أحبتي ، فأنا أدخل التجربة مجدداً بعد استراحة محارب لتسعة أعوام ، وأمس تم تشخيص ورم جديد عندي ، فلك الحمد يا رب حتى ترضى ”
” ساعات فاصلة وأدخل العمليات؛ لاستئصال الثدي الأيسر كاملاً هذه المرَّة، ففي الإصابة السابقة عام ٢٠٠٦م تم استئصال الورم والإبقاء على الثدي الأيمن ”
” يارب امنحني فسحة في العمر لأبنائي، وفسحة لأكون عوناً لمن أصابهم السرطان ، وهب لي فسحة أعمل فيها صالحاً ترضاه . توكلت عليك ، وأسلمت روحي وجسدي لك . ”
” هل أنا حزينة ؟ لا، فالله يهب، والله يأخذ حتى لو عضواً . هل أنا خائفة ؟ نعم؛ فأنا بشر أقلق. هل أنا جزعة ؟ لا والله، بل أشعر بكرم الله وفضله بكل هذه الدعوات . “