إنَّ موضوع علم الفقه ومداره هو أفعال المسلمين المُكلّفين، والمسلم المُكلّف هو كلّ مسلم بالغ عاقل؛ فمجال البحث في أفعال المكلّفين هو الأحكام الشرعية العملية المتعلقة بجميع أفعالهم في جميع مجالات الحياة العملية، وقد فصَّل العلماء في الأحكام الشرعية وتقسيمها، فقسّمها جمهور العلماء إلى خمسة أقسام، بينما قسَّمها الحنفية إلى سبعة أقسام.

تعريف علم الفقه

الفقهُ لغةً: هو الفهم، ويأتي بمعنى: فهم المقصود والمراد من الكلام.
الفقه اصطلاحاً: هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المستنبطة أي المُستخرجة من أدلّتها التفصيلية.
أمّا علم الفقه: هو علمٌ يكون مَدار البحث فيه مُختصّ بالأحكام الشرعية، فالأحكام الشرعية عدّة أنواع بناءً على مبناها؛ فبعض الأحكام تدل على الطلب والأمر الجازم، وبعض الأحكام تَدل على طلبِ فِعل تَخييراً لا أمراً، وبعض الأحكام ليست اقتضاءً ولا تخييراً بل وضعاً، وهذه الأحكام مصدرها الأدلة التفصيلية التي تصلح أن تكون دليلاً شرعياً مقبولاً في الشريعة الإسلامية.

الحكم الشرعي

الحُكْم لُغةً: هو إثباتُ شيءٍ لشيء. أمّا الحُكْم اصطلاحاً: هو خطاب الشارع المُتعلّق بأفعال المُكلّفين اقتضاءً، وتخييراً، ووضعاً، فالحُكْمُ هو خطاب الشرع الذي لا مجال فيه للأهواء والأمزجة الشخصية، وهذا الخطاب يتعلّق بأفعال المكلّفين الذين ينصبُّ عليهم التكليف الشرعي ويملكون الأهليّة لتحمُّل التكليف الشرعيّ، وهذه الأهليّة منها ما يتعلق بالقدرة العقلية فلا يَخضع فاقد الأهلية للتكليف؛ كالمجنون الذي لا يعقل ما يدور حولهُ، ولا الصبي الصغير، ومن الأهلية ما يتعلّق بالدين والعقيدة، فالأحكام الشرعية والتكليف مُوجّه للمسلمين دون غيرهم، وخطاب الشرع فيما يتعلق بالتكليف قد يكون اقتضاءً يُوجب الفعل إلزاماً، وقد يكون طلب الفعل تخييراً بين الفعل وعدمه، وقد يكون وَضعاً. هنالك مدرستين فقهيتين بالنسبة لأقسام الحكم الشرعي؛ المدرسة الأولى هي مدرسة جمهور العلماء، والمدرسة الثانية هي مدرسة الحنفيّة.

أقسام الحكم الشرعي

عند الحنفية قسَّم الحنفية الحكم الشرعي إلى سبعة أقسام على النحو التالي:
الفرض وهو ما ثَبَتَ بدليل قطعيّ.
الواجب.
الحرام.
المندوب.
المباح.
المكروه كُرهاً تحريميّاً.
المكروه كُرهاً تنزيهيّاً.

أقسام الحكم الشرعي عند الجمهور
قسّم جمهور العلماء الحكم الشرعي إلى خمسة أقسام رئيسية، على النحو التالي:
الواجب: وهو نفس الفرض عند جمهور العلماء، والواجب عند الجمهور هو خطاب الشارع المتعلق بطلب الفعل من المُكلّفين على وجه الإلزام.
الحرام: وهو خطاب الشارع المتعلّق بطلب ترك فعلٍ وأمرٍ ما على وجه الإلزام.
المندوب: وهو خطاب الشارع المتعلّق بالتخيير بين الفعل والترك مع استحباب الفعل دون إلزام.
المباح: وهو ما يستوي فيه الفعل والترك كأنواع الطعام المختلفة التي أحلها الله؛ حيث يُباح للمسلم أن يختار ما يشاء ويترك ما يشاء من أنواع المباحات.
المكروه: وهو فعلٌ مباحٌ في أصله ولكن الأفضل الابتعاد عنه ما أمكن، كالطلاق مثلاً الذي يُعتبر من أبغض الحلال إلى الله، فقد ورد في الحديث: ( أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ) أقسام الحكم الشرعي عند الحنفية

مصادر الفقه

وهي الأدلّة الشرعية، فالأدلّة جمع دليل، والدليل لغةً: الهادي إلى الشيء؛ سواء أكان حسِّياً أو معنوياً، واصطلاحاً: الدليل هو ما يُستدلّ ويُهتدى بالنظر الصحيح فيه بالوصول إلى حكمٍ شرعيٍ عملي دلالةً قطعيةً أو ظنيّة،والأدلة الشرعية التي اتفق عليها العلماء أربع أدلة؛ بحيث يرجع لها الباحث عن الحكم الشرعي بالترتيب، وهذه الأدلّة هي:
القرآن الكريم: وهو المصدر الأول للتشريع، وبعض آياته قطعية الدلالة وبعضها ظنّيّ الدلالة .
السنة النبوية: والسنّة بأقسامها تُعتبر المصدر الثاني للتشريع؛ إذ يُمكن أن تُضيف السنة النبوية حكماً جديداً لم يكن موجوداً قبل، ويمكن أن تُفصِّل حكماً ورد في القرآن بدون تفصيل، كالصلاة مثلاً فُرضت بنص القرآن الكريم؛ أمّا أحكامها التفصيلية فقد بينتها ووضحتها السنة النبوية.
الإجماع: وهو إجماع العلماء في عصر من العصور على حكم مسألة لم يرد فيها نصٌ في الكتاب أو السنّة.
القياس: وهو إلحاق مسألة فرعية مجهولة الحكم بأصل معلوم الحكم، ومبرّر إلحاق الفرع بالأصل وجود الوصف الجامع بينهما، ويكون هذا الوصف هو سبب الحكم الثابت بالأصل، مع انتفاء وعدم وجود الفارق بين الأصل والفرع، ومثالهُ إلحاق النبيذ بالخمر في التحريم للإسكار الجامع بين كلّ من النبيذ والخمر ويُسمى علّة التحريم.