الإمام أبو حنيفة النعمان هو أحد الأئمة الأربعة الذين علموا الأمة الإسلامية أصول الدين وتعاليمه من القرآن والسنة، ولد ذلك العالم الجليل في عام 699 م بمدينة الكوفة بالعراق، وتوفى في عام 767م في مدينة بغداد بالعراق.

من هو الإمام أبو حنيفة النعمان

أفنى الإمام أبو حنيفة حياته في البحث في أمور الدين، حيث كان يقوم بإصدار الكثير من المؤلفات العلمية التي ما زالت تدرس حتى الآن، كان الإمام أبو حنيفة يستعين بالكثير من المصادر العلمية مثل القرآن والسنة والاستحسان والإجماع والقياس والعرف والعادات، ولكن كان هناك ترتيب لابد أن يتم عند الأخذ بهم، حيث كان الإمام أبو حنيفة لا يلجأ لأمور العرف والقياس إلا بعد البحث عن الأمر الذي يريد دراسته بالقرآن والسنة أولًا، ولذلك كانت كل آرائه وأحكامه بمدلول راجح وقوي.

تقرب الكثير من الصحابة للإمام أبو حنيفة في ذلك الوقت، ويرجع ذلك بسبب رجاحة عقله وحرصه على التعلم بشكل دائم، كما أنه كان يقوم بعقد العديد من المجالس للمناقشة في الكثير من الأمور الدينية، كما أنه كان يحاول توضيح الكثير من اللغويات والأمور الغير مفهومة بالأحاديث أو القرآن، ولذلك تقرب منه أثناء حياته كل من أراد التعلم والتبحر بعلوم الدين والفقه.

وبجانب كل تلك المجهودات التي قدمها إمامنا الجليل كان يتصف بالكثير من الصفات الحسنة مثل حسن الخلق والصدق والأمانة وحبه للغير واشتهاره بالورع والإيمان وتمسكه بالعادات والقيم الصحيحة والتقاليد وقوة الشخصية والصلابة وقدرته على التحمل.

النشأة العلمية للإمام أبو حنيفة النعمان

بالرغم من تعدد الطوائف والملل بالكوفة في العراق، كانت نشأة الإمام أبو حنيفة إسلامية خالصة، حيث تربي على تعاليم الدين الإسلامي وآدابه وقيمه، بالإضافة إلى كونه من أهل السنة فكان بعيدًا كل البعد عن الأفكار الجديدة التي اتبعها أهل الشيعة وغيرهم، نتيجة لتنوع وتعدد الطوائف بالعراق في تلك الفترة، تعلم أبو حنيفة وعرف خلاصة ما يتم تعلمه بكل طائفة، ولذلك كان يحاول قدر الإمكان تعلم كل ما يدور في دينه من أمور ثابتة ومتغيرة، لذلك لم يتوقف علمه على المعروف عن الإسلام فقط، بل حاول الوصول إلى قدر عالي من التبحر بالعلوم الفقه والسنة.

منهج الإمام أبو حنيفة

واجه أبو حنيفة الكثير من الصعوبات حتى يستطيع إقناع البعض بأفكاره، ولذلك كان يحاول جاهدًا أن يقطع الشك باليقين لهؤلاء الناس من خلال إثباته باستشهاد من القرآن والسنة، وذلك ما جعله من الأئمة الأربعة المبجلين، حيث ترك كلا منهم ما ينفع المسلمين من بعده ويعلمهم أمور دينهم وهم الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام مالك بن أنس والإمام محمد بن إدريس الشافعي والإمام أحمد بن حنبل، ولقد كونوا هؤلاء الأئمة الأربعة أربعة مذاهب، يمكن الاستدلال من خلالهم على التعاليم الإسلامية السمحة الصحيحة التي يجب الأخذ بها.

مؤلفات الإمام أبو حنيفة النعمان

لقد كتب أبو حنيفة النعمان الكثير من المؤلفات العلمية القيمة والتي تناول من خلالها علوم الفقه وتفسير للقرآن الكريم والسنة النبوية، ومن أهم تلك المؤلفات أربع مؤلفات وهي مؤلف “الفقه الأكبر” و مؤلف “الفقه الأوسط” ومضمون تلك المؤلفات هو مفاهيم العقيدة الإسلامية وتوضيح لأهمية القرآن الكريم والسنة النبوية ودورهم في الاهتداء والوصول لأعلى مراتب الإيمان بالله (سبحانه وتعالي).

وكتب أيضا مؤلف “كتاب الآثار” ويحتوي ذلك المؤلف على حوالي 40.000 حديث نبوي لرسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، كما يوضح ذلك الكتب شرح مفصل لكل تلك الأحاديث النبوية، ومؤلف “مسند أبي حنيفة” وبتلك المؤلفة قام أبو حنيفة بتناول الحديث النبوي، ولكن بذكر جميع الشواهد والمتابعات الخاصة بكل حديث، كما كان يقوم بعرض كل التفاصيل التي تخص قول الحديث والمخالفات التي أتت من بعده، مما جعله كتابا مستوفيا لدرجة كبيرة وذو منزلة كبيرة.

وهناك مؤلف مشترك كتبه أكثر من عالم بعلوم الفقه والدين مع أبو حنيفة وهو مؤلف “العقيدة وعلم الكلام” وتناول ذلك الكتاب الكثير من الأمور المختلفة مثل إثبات العقيدة الإسلامية وشرح كل الآراء واستنادها سواء كانت مؤيدة أو معارضة، كما تناول التأويل في التصديق والتكذيب بنزول المسيح، وفي عصرنا الحالي أصبح اسم ذلك الكتاب مادة يتم تدريسها بمدارس وكليات الشريعة الإسلامية بأكبر المدارس والجامعات العربية.