كل ما نراه في العالم وهمي، رسالة إلى كل الشعوب خصوصا تلك التي تظن أنها حرة، لا وجود للحرية، ولا وجود للديمقراطية، إن الحرية التي تربينا عليها ما هي إلا صندوق معتم مظلم تظن فيه أنك في أرض واسعة بلا حواجز، وأن ما يمنعك عن التحرك هو عجزك عن الرؤية فقط، بينما أنت في حيز صغير، صندوق له سقف وحواجز، أنت كائن باسم الحرية .
معنى لفظ الكولونيالية
الكولونيالية هي الاستعمار، أي احتلال دولة لدولة أخرى، والتحكم في أراضيها، وشعبها، ومواردها، كل هذا لصالحها، أي استغلال كل الموارد البشرية والغير بشرية لصالح تلك الدولة المستعمِرة، والتي تتشدق في ما تقوم بفعله من الأفعال المشينة باسم الحرية، والخوف على مصالح العالم، وحفظ التوازن، وما إلى ذلك من الشعارات الكاذبة، وهي ليست أكثر من نظام يحب الاستعباد والسيطرة .
نظرية ما بعد الكولونيالية
نظرية ما بعد الكولونيالية أو ( ما بعد الاستعمار )، هي نظريةتقوم بتحليل الخطاب الاستعماري عن طريق مجموعة من أفضل الكتاب، الذين يوضحوا الآثار التي خلفها الاستعمار على جميع النواحي، الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية، ويكون هؤلاء الكتاب العباقرة غالبا من الدول التي كانت محتلة، وقد ظهرت هذه الفكرة لأول مرة في السبعينيات، وتعتبر من أهم النظريات ذات الطابع السياسي والثقافي التي تهتم بوضع نظريات نقدية وأدبية لمرحلة ما قبل الاستعمار .
وهذه النظرية غالبا ما تصور علاقة الصراع بين دول القوى العظمى ودول اللا قوى، أو بين الشرق والغرب، أي دول أوروبا وأمريكا العظمى واحتلالها للجزء الضعيف من العالم، سواء كان الشرق العربي كإفريقيا، أو حتى دول آسيا، وتعمل هذه النظرية على تناول عدة مشكلات حساسة، مع نقد الفكر الغربي وكشف زيفه وخداعه، لذا تهدف نظرية ما بعد الاستعمار إلى هدم الفكر حول النظام الغربي الزائف .
ما الإشكالية التي تتناولها نظرية ما بعد الكولونيالية
تتناول نظرية ما بعد الكولونيالية طرح إشكالية أثر الاستعمار على كل من الطرفين المستعمِر والمستعمَر، وقدرة المستعمرين الكبيرة على التحكم في هذا الجزء من العالم الكبير الضعيف، والآثار التي تخلفها الدول المستعمِرة على الدولة المستعمَرة في كل المجالات، خصوصا التعليم، ونشر لغتها، وتغيير هوية هذه الشعوب إلى هويتها الخاصة، والتكنولوجيا الجديدة التي أدخلتها، ومدى تحكمها في استمرار ذلك بعد خروجها من البلد المحتلة .
أهداف وجود نظرية ما بعد الاستعمار أو ( الكولونيالية )
1- تهدف نظرية الكولونيالية إلى توضيح زيف الخطاب الاستعماري، وهدمه، وأنه لا يتم تحت هدف الحرية والديمقراطية، وإنما الغرض منه السيطرة والهيمنة على الدول الأضعف، لاستنزاف خيراتها، والتحكم في مصائرها، وبيان زيف الادعاءات التي يدعيها الغرب وهو يسيطر على دولة أخرى، من حفظ التوازن والراية البيضاء والقلوب النقية، وما إلى ذلك من شعارات بيضاء تحت قلعة حمراء دموية .
2- تأثر هؤلاء الكتاب بالعديد من النظريات التي تدين الاستعمار، كالنظريات الماركسية، والتي أوضحوا خلالها التناقضات والمفارقات بين الشرق والغرب، عن طريق توضيح سبل التعامل بين الطرفين، وهيمنة الطرف الغربي بأسلحته المتطورة، وتكنولوجيته الحديثة، في محاولة منه لتغييب العقل، وإذهال الذهن .
3- كما تهدف نظرية الكولونيالية بعد تفكيك وهدم فكر المستعمِر الغربي الغاشم، إلى التنوير، تنوير العقل بمدى أهمية وطنه وهويته، ورفض الخضوع للغرب، ومحاولتهم لتهميش الفكر الشرقي، والعنصرية القائمة على الدين واللون وما إلى ذلك، ومن أشهر الكتاب الذي اختصوا بهذا كانوا من دول إفريقية، سوداء البشرة، وقد دعوا للفخر بهويتهم ولون بشرتهم، ورفض عنصرية الغرب الأبيض الغاشم .
4- دعوا هؤلاء الكتاب المبدعين بعد ذلك، لضرورة التوقف عن الانبهار بثقافة الغرب، ووضعهم المادي، والذي يحاولون إبهار الدول الفقيرة به، لكي يتمكنوا من السيطرة عليهم نفسيا أولا، وذلك برفض كافة أشكال التدخل الغربي، سواء التدخلات السلمية، أو التدخلات الحربية، ودعوا إلى تغيير الفكر ومحاربة ضعفهم وتفكيرهم، ولوم أنفسهم على ما هم فيه من تقصير .
أشهر كتاب نظرية الكولونيالية
1- من أشهر كتاب نظرية ما بعد الاستعمار ومؤيديها من الشرق، إدوارد سعيد، وهو كاتب فلسطيني الجنسية، له عدة مؤلفات أهمها كتاب اسمه ” الاستشراق ” يتناول في هذا الكتاب نظرية الاستشراق، وتعريفه، ومراحل الاستشراق الغربي، وقد نشر الكتاب عام 1987 م .
2- أما كتاب ومؤيدي هذه النظرية من دولة الهند، هومي بابا وسلمان رشدي، فقد تأثر هومي بابا بنظريات إدوارد سعيد تأثرا كبيرا، واهتم بالكتابة عن زيف هوية المستعمِر، وبيان العلاقات بين الدول المستعمِرة والدول المستعمَرة، والتي تؤدي إلى انهيار تلك الدول الضعيفة واحتلالها، أما سلمان رشدي فقد كتب كتابا بعنوان ” الامبراطورية التي ترد كتابة “، والذي يعتبر ردود على الخطابات الكولونيالية من قبل المستعمِر .