اسهامات ابن تيمية في تربية الطفل في الإسلام قدم شيخ الإسلام ابن تيمية العديد من الاسهامات الواضحة في المجال التربوي ، وتميز بنظرياته نحو الإصلاح التربوي وتعديل سلوك الأطفال والنشئ ، وكان ذلك واضحاً من خلال المبادئ التربوية التي نشرها وتحدث عنها وأكد ابن تيمية على أن المصدر الأول في التشريع التربوي يكمن في القرآن الكريم والسنة الشريفة ، وسوف نقدم من خلال هذا المقال بعض المبادئ التربوية التي ذكرها ابن تيمية في العموم والمبادئ المتعلقة بتربية الأطفال .
المبادئ التربوية عند ابن تيمية
١- كل مولود يولد على الفطرة :مبدأ الفطرة ، فالمعنى الأول للفطرة هو الإسلام ” يعني الاستعداد الغريزي الإسلام ” والمعنى الثاني ” السلامة ، والمولود يولد على الفطرة سليما من الانحراف والنقص والاعتقاد والعضوي والعقلي والنفسي وغيره . لذلك كانت التربية الإسلامية لجميع الأجيال حتما واجبا على كل مربين لإحياء فطرة هذه الأجيال وانعاشها وتحقيقها بالفعل .
٢- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين : الفروق الفردية هي التمايز بين المتعلمين وتفاوتهم فيما بينهم بالتحصيل وبالقدرات والمهارات والاستعدادالعقلي والذكاء وصفاء الفطرة وسلامتها ، وغير ذلك مما يتفاوت فيه الناس في مجال التعلم والتكليف الشرعي .وقد أقر ابن تيمية هذه المبدأ التربوي الإسلامي وكان من أوائل من أبرز أهمية هذا المبدأ في عصرنا ( المهدي ، ١٩٩٠ص ٣٠٢)
٣- وجوب طلب العلم والحق حتى يبلغ درجة اليقين وذلك تحقيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة ” ويعتمد ابن تيمية على الطبيعة الإنسانية فمن طبيعة الإنسان أن يعرف من نفسه ما إذا كان قد وصل إلى العلم اليقيني أم لا .
٤- تصديق العلم بالعمل : لا يتم الإيمان إلا إذا صدقه العمل فالإيمان بالله إذا سلم المؤمن وجهه وعمله وسلوكه لله ، واتبع أوامر الله ، والعلم النافع هو أساس الحياة الرشيدة الصالحة والعمل بهذا العلم هو الذي يقيم هذه الحياة ويمنحها البقاء والاستمرار وبدون ذلك تطبع حياة الإنسان بالضلال الذي هو العمل بغير علم وبالغى الذي هو اتباع الهوى .
٥- إلزامية نشر التعليم واستمرارية التعلم : يجب على أهل العلم أن يبلغوه وينشروه ولا يضيعوا شيئا منه لأن ذلك من أعظم الظلم للناس ، ولهذا يقول الله عزوجل (( إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون )) سورة البقرة ( الآية ١٥٩ )
٦- تكامل التربية النظرية والعملية : لا يجوز أن يقتصر التعليم على تقديم المعلومات والأفكار دون توفير فرص التطبيق والممارسة أو العكس ، ومن هذا المبدأ كان التشديد على التمسك بالقرآن والسنة كما يرى ابن تيمية ، لأن القرآن يتضمن المعلومات الصحيحة والسنة هي التطبيق الصائب لهذه المعلومات ، وذلك كانت الممارسة القوية للإسلام تقوم على أمرين ، الإخلاص والصواب
٧- تكامل العلوم الشرعية والعقلية : قسم ابن تيمية العلوم إلى نوعين علوم عقلية كالحساب والطب والصناعة والتجارب وفيها يستلزم استعمال الحواس العقل وعلوم الدينية ومنها ما يفيد منه الأدلة العقلية ، ومنها ما يستلزم التصديق لعدالة الأنبياء وصدقهم ومعجزات ما جاءوا به والفرعان من العلوم نتاج الشرع والعقل ولا تعارض بين الشرع والعقل لأن كليهما يكشفان عن آيات الله في الوحي والخلق . ( المهدي ، ١٩٩٠ ،ص ٣٠٣-٣٠٤)
آراء ابن تيمية في تربية الطفل
١) الملاحظة الدقيقة للطفل من قبل الأسرة وتقديم العون والإرشاد النفسي الدائمين ، وكذلك التعزيز في سبيل حل المشكلات الأخلاقية التي تواجه داخل الأسرة وخارجها.
٢) تأصيل القيم الأخلاقية الإسلامية بحيث تستفرق كل أبعاد شخصية.
٣) غرس القيم الإسلامية بحياة الصحابة في الطفل بواسطة الإرشاد اللفظي وتعليمه أن تكون حياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والشهداء مثله الأعلى وأن يرفض كل ما دخل على الإسلام من شوائب فكرية ومذاهب أخرى.
٤) أن يكون التعليم الخلقي منسجما مع خبرات الطفل وسلوكه ودوافعه البيولوجبة لا معاكسا لها ، وأن يكون تعديل هذه الدوافع بما ينسجم مع السلوك الاجتماعي الصحيح ووضع الغرائز الدونية لدى الطفل في قنواتها الحيزة للسلوك الطيب .
٥) يعتقد ابن تيمية أن الطفل يولد صفحة بيضاء وعلى نوعية الميراث الخلقية التي يتلقاها من البيئة التي يعيش في وسطها على قدر اكتسابه القيم الأخلاقية أو اتجاهات نحو الشر وهذا ما يتعلق بالأسرة.
٦) إعطاء الطفل حرية مقيدة وتعويده على أن الحرية المطلقة ليست مفيدة .
٧) استخدام الثواب والعقاب مع التأكيد على أن الثواب ( التعزيز الإيجابي أفضل من العقاب وأحيانا يؤدي إلى تثبيت السلوك أكثر منه إلى تعديله ) .
٨) القدوة الحسنة من قبل الأبوين مهمة جدا في مجال التربية الأخلاقية . ( عزوز ،٢٠٠٨،ص ١١٥ )