لابد وأنك تساءلت ذات يوم عن السبب وراء عدم ضخ كميات كبيرة من النقود تكفي لحل الأزمات الاقتصادية التي تواجه البلاد ، و تكون بمثابة حل جيد للمجاعات التي بدأت تسيطر على العالم وتضعفه ، ذلك بما أنك تعلم أن النقود تطبع في مطابع الأموال الخاصة بكل دولة ، ولكن الأمر لم يكن أبداً بهذه البساطة فهناك أساس تطبع عليه النقود ، و هذا الأساس تتبعه جميع الدول في العالم ، فلا يجوز أن تخالفه دولة ، أو أن تبدأ في طباعة نقود جديدة دون الالتزام بالقوانين المنصوصة ، والتي سنتعرف عليها بالتفصيل خلال هذا المقال .
أساس طباعة النقود
على الرغم من أن كل الدول تقوم فعلاً بطباعة ما تشاء من الأموال وفق عملتها ، وذلك لزيادة كمية العملة المتوفر للبلاد ، وكذلك لاستبدال العملة التي يتم تداولها من أجل إبقائها في حالة شكلية جيدة بحيث تكون غير مقطوعة أو مهرتلة ، ولكن على الصعيد الاقتصادي يجب أن تتناسب نسبة ضخ العملات النقدية في أي دولة مع حجم الاقتصاد في هذه الدولة .
وكذلك مع حجم الإنتاج المحلي لها ، وذلك لأنه يجب أن يكون لكل وحدة نقدية مطبوعة ما يقابلها من رصيد في احتياطي النقد الأجنبي أو في الرصيد الذهبي ، أو حتى أن يوجد مقابل في السلع والخدمات التي يتم إنتاجها في المجتمع بشكل حقيقي وفعال ، وذلك لكي تصبح النقود المتداولة في السوق هي نقود ذات قيمة وليست مجرد أوراق .
وعندما يتم ضخ عملات نقدية بحجم أكبر من حجم الاقتصاد الخاص بالبلاد ، أو بمعنى أدق بحجم يفوق احتياطي النقد الأجنبي وكم السلع والخدمات ، فإن القيمة الشرائية للعملة تقل ، ومن ثم ترتفع الأسعار وبالتالي سوف يرتفع معها مستوى التضخم ، بل ومن الممكن أن يهدد ذلك استقرار البلاد ويؤدي إلى الانهيار الاقتصادي وما يتبعه من انهيار في البنية الاجتماعية العامة .
و يوجد أيضاً أثار سلبية أخرى على الاقتصاد الخاص بالبلاد ككل ، لأن انهيار العملة و ما يتبع من انهيار للاقتصاد سيؤدي إلى توجه الشعوب إلى استبدال عملات أوطانهم الأصلية بعملات أجنبية أخرى ، و ذلك بالطبع سوف يزيد من انخفاض عملة البلاد التي تواجه مشكلة الانهيار من الأساس ، وفي نهاية الأمر سوف ينهار اقتصاد البلاد ، كما حدث مؤخراً مع الكثير من الدول .
متى يمكن طباعة نقود جديدة
إن طباعة المزيد من النقود أو العملات الخاصة بالبلاد قد يكون شكل من أشكال السياسة الاقتصادية في الدولة و التي تعمل على الحث على الإنتاج و زيادة الخدمات و كذلك إنعاش الاقتصاد . وتستخدم هذه الحيلة أو السياسة فقط حين يكون الاقتصاد في حالة ازدهار ونمو وليس في حالة ركود.
حيث تكون النقود في هذه الحالة بمثابة دماء جديدة وجارية في شرايين الاقتصاد القومي ، و على هذا النحو فقط سوف ينتعش الاقتصاد وتنجح عملية طباعة المزيد من النقود . حيث تعمل هذه الإستراتيجية أو السياسة إلى خفض الأسعار، وزيادة إقبال أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة نحو استثمار أموالهم في هذا البلد مما يزيد الإنتاج . وبزيادة الإنتاج يزيد المعروض من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار مرة أخرى واستقرار الحالة الاقتصادية و التجارية و الاجتماعية العامة للبلاد .
طباعة البنك المركزي للأموال
تعد عملية طباعة الأموال داخل البنك المركزي عملية معقدة جداً على النحو الاقتصادي خاصة في حالة طباعة أموال جديدة دون أن يُوفر لها غطاء ذهبي ، لأن ذلك سيؤدي حتماً إلى نتيجة سلبية ومدمرة للاقتصاد ، حيث سوف ترتفع الأسعار و ستزيد المعروضات النقدية دون أن يقابلها أي زيادة موازية في إنتاج السلع والخدمات .
وهما فإننا سنعود إلى النقطة ذاتها والتي يصل لها الشعوب عندما يتدمر الاقتصاد ، وهي أن يفقد الناس ثقتهم في عملتهم المحلية و من ثم يتجهون إلى شراء عملت أجنبية مرتفعة أو شراء ذهب أو عقارات أو غير ذلك من الممتلكات التي تشعرهم بأمان ، و بالتي فإن الاقتصاد سينهار . لذا فإننا نصف عميلة طباعة البنك المركزي للنقود أو الأموال بالعملية المعقد ، التي يجب أن تقام على أسس دقيقة جداً .
كيف يتم تسعير العملة
بعد فك الارتباط الذي كان رائجاً في السابق بين كل من الدولار والذهب ، دخل العالم مرحلة جديدة بعد عام 1971 وهي مرحلة تعويم العملات ، أي السماح لقيمة العملة أن تنقص وتزيد كل يوم وفق عوامل معينة تؤدي إلى هذا الصعود و الهبوط في قيمة العملة ، وذلك يمكن من خلال شراء الدول عملات الدول الأخرى خاصة الدولار الأمريكي الذي يعد أهم العملات في العالم ، بسبب أن الدولار يستمد قوته من حجم الإقبال الكبير على شرائه خلال تسديد قيمة التجارة أو عن طريق استخدامه كعملة احتياطية وذلك يعني أن توقف المستثمرون عن شرائه سيؤدي إلى خفضه بشكل حاد جداً .