أضافت دراسة جديدة قام بها مركز جونز هوبكنز على الفئران بما يشمل مختلف القوارض الأخرى ممن يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي أدلة جديدة على أن الميكروبات المعوية التي تعد حديقة من الجراثيم البكتيرية والفيروسية والفطرية تلعب دورا هاما في تطوير مشكلة السمنة ومقاومة الأنسولين في الثدييات بما في ذلك البشر وقد نتج عن البحث التأكيد على إمكانية الوقاية من السمنة والسكري من خلال التلاعب بمستويات ونسب البكتيريا في الأمعاء أو تعديل المسارات الكيميائية والبيولوجية للجينات التي تعمل على التمثيل الغذائي
بكتيريا الأمعاء والسمنة
يبين تقرير النتائج الذي نشر في 24 يناير في علم المناعة المخاطية، إمكانية الوقاية من السمنة والسكري من خلال التلاعب بمستويات ونسب البكتيريا في الأمعاء، أو تعديل المسارات الكيميائية والبيولوجية للجينات التي تعمل على التمثيل الغذائي.
ويقول الدكتور والبروفيسور ديفيد هاكام الحاصل على دكتوراه في الطب والجراحة العامة، ومدير مركز جونز هوبكنز للأطفال والمؤلف الرئيسي للدراسة : ” تضيف هذه الدراسة إلى فهمنا كيف يمكن أن تسبب البكتيريا البدانة، فقد وجدنا أنواعا معينة من البكتيريا في الفئران التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمتلازمة الأيضية “، ويضيف : ” مع هذه المعرفة الجديدة يمكننا أن نبحث عن طرق للسيطرة على البكتيريا المسئولة أو الجينات ذات الصلة لكي نقوم بمنع البدانة لدى الأطفال والبالغين ”.
متلازمة الأيض
متلازمة الأيض ترتبط بمجموعة من الأمور بما في تلك السمنة حول الخصر، وارتفاع نسبة السكر في الدم وزيادة ضغط الدم، الذي يرتبط بدوره بأمراض القلب والسكتة الدماغية، وفي حين أنه لا يوجد سبب دقيق لمتلازمة التمثيل الغذائي، إلا أن الدراسات السابقة تشير إلى أن مستقبلات ” TLR4 “، وهو البروتين الذي يتلقى إشارات كيميائية لتفعيل الالتهاب، قد يكون مسئول جزئيا عن تطوير هذا الأمر.
لكن كيف ولماذا يكون TLR4 مسئولا عن متلازمة التمثيل الغذائي، رغم أن هذا لم يكن واضحا كثيرا، إلا أنه كما يقول هاكام ” يعتقد فريق البحث أن وجود إشارات TLR4 في خلايا مختلفة وارتباطها مع البيئة البكتيرية، يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات مختلفة على تطور متلازمة التمثيل الغذائي.
تفاصيل الدراسة
لتحديد أولا ما إذا كان TLR4 في ظهارة الأمعاء ( طبقة من الخلايا التي تفصل الأمعاء الصغيرة والكبيرة )، من شأنه أن يسبب تطور متلازمة التمثيل الغذائي أم لا، فقد ركض فريق البحث لإجراء سلسلة من التجارب على كل من الفئران العادية والفئران المعدلة وراثيا الذين يعانون من فقدان وجود TLR4 في ظهارة الأمعاء.
وقام الباحثون بتغذية كلا المجموعتين من الفئران بكمية متساوية من الطعام، لاسيما الطعام الذي يحتوي على 22 في المائة من السعرات الحرارية والدهون، وذلك لمدة 21 أسبوع، وبالمقارنة مع الفئران العادية، أظهرت تلك التي تفتقر إلى TLR4 سلسلة من الأعراض تتفق مع متلازمة التمثيل الغذائي، مثل زيادة كبيرة في الوزن، وزيادة دهون الكبد، ومقاومة الأنسولين، ثم قام الباحثون بتغذية كل الفئران على نظام غذائي عالي الدهون يتكون من 60 في المائة من السعرات الحرارية والدهون لمدة 21 أسبوع، وذلك لمعرفة ما إذا كان النظام الغذائي من شأنه أن يؤثر على تطور متلازمة التمثيل الغذائي أم لا.
ومرة أخرى اكتسبت الفئران المعدلة وراثيا بشكل ملحوظ زيادة أكبر في الوزن، وكان حجم الجسم ودهون الكبد أكبر من الفئران العادية، ولتأكيد دور TLR4 في ظهارة الأمعاء، قام الباحثون بالتعديل وراثيا على ثلاث مجموعات أخرى من الفئران : المجموعة الأولى ظهر لديها TLR4 في ظهارة الأمعاء فقط، بينما كانت تفتقر المجموعة الأخرى إلى TLR4 في جميع خلايا الجسم، وقد فقدت المجموعة الثالثة TLR4 فقط في خلايا الدم البيضاء.
مع العلم أن جميع المجموعات أكلت نسب متساوية من الطعام، وكانت جميع المجموعات متماثلة في وزن الجسم ودهون الكبد، ونسبة الجلوكوز، ومقارنة مع الفئران العادية فإن البطن ودهون الأمعاء الدقيقة كانت أعلى في الفئران التي تفتقر إلى TLR4 فقط في ظهارة الأمعاء، ويقول الباحثون أن هذا يوفر المزيد من الأدلة على أن حذف TLR4 تحديدا من ظهارة الأمعاء مطلوب لتطوير متلازمة التمثيل الغذائي.
وقد قام هاكام وفريقه بإعطاء المضادات الحيوية إلى الفئران العادية والفئران التي تعاني من نقص TLR4 في ظهارة الأمعاء، وقد وجدوا أن المضادات الحيوية خفضت بشكل كبير من كمية البكتيريا في الأمعاء، ومنعت جميع أعراض متلازمة التمثيل الغذائي في الفئران التي تفتقر إلى TLR4 في ظهارة الأمعاء.
استنتاجات الباحثون
ويقول الباحثون أن هذا يدل على أن المستويات البكتيرية يمكن التلاعب بها لمنع تطور متلازمة التمثيل الغذائي، ولمزيد من استكشاف دور TLR4 في الأمعاء الظهارية على تطوير متلازمة التمثيل الغذائي، قام فريق البحث بتحليل عينات البراز للفئران العادية والفئران التي تعاني من نقص في TLR4 في ظهارة الأمعاء، ووجد الفريق أن مجموعات محددة من البكتيريا التي تسهم في تطوير متلازمة التمثيل الغذائي تظهر بشكل أقل مما كانت عليه في الفئران العادية، كما قرروا أن البكتيريا تعبر عن الجينات التي تجعلها ” أقل جوعا ” وبالتالي أقل قدرة على هضم العناصر الغذائية الموجودة في طعام الفئران، وأدى ذلك إلى حدوث وفرة أكبر في الغذاء بالنسبة للفأر بصورة عجز معها عن استيعاب كمية الطعام، الأمر الذي ساهم في حدوث السمنة.
ثم قام الباحثون بتحليل الجينات التي ظهرت في بطانة الغشاء المخاطي في الأمعاء – وهو المكان الذي يحدث فيه امتصاص الطعام – وذلك بالنسبة للفئران التي تعاني من نقص TLR4 في ظهارة الأمعاء، وتجدر الإشارة إلى أن الفريق قرر أن الجينات الهامة في المستقبلات الأيضية المستحثة للناقل ( PPAR ) تم قمعها بشكل كبير في الفئران النحيفة، وأن إعطاء المضادات الحيوية منع الاختلافات في تنظيم الجينات بين مجموعتين الفئران.
ويقول هاكام : ” تشير جميع تجاربنا إلى أن المستشعر البكتيري TLR4، ينظم كلا من الجينات المضيفة والبكتيريا التي تلعب أدوارا غير معترف بها سابقا في عملية التمثيل الغذائي للطاقة، مما يؤدي إلى تطور متلازمة التمثيل الغذائي في الفئران.