قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينًا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ». [أخرجه الترمذي]
في هدي الحديث
يدل هذا الحديث على أن أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم كانوا يتمتعون بمميزات ومهارات تميز كل واحد فيهم على حدى، فاشتهر أبو بكر رضي الله عنه بالرحمة، وعمر بن الخطاب بالشدة في الدين، ومعاذ بن جبل اشتهر بتفريق بين الحلال والحرام، وأبو عبيدة أمين الأمة، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم دائًما ما يذكر هذه الصفات عنهم بل ويساعدهم ويشجعهم على تنميتها.
مواهب وصفات الصحابة
- رحمة أبا بكر
كان أبو بكر رضي الله عنه أكثر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة بالناس، فهو كان حنون ورؤوف جدًا بغيره، وكان هذا الشيء واضحًا في عطفه على المساكين والأرامل والفقراء وكبار السن والأيتام، حتى أن عمر قال فيه: أعييت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر بعدما رأى من حرصه على رعاية مسنة عجوز عمياء، فكان رحيمًا بها دون حتى أن يخبرها أنه من يقوم على خدمتها وهو خليفة المسلمين
- شدة عمر بن الخطاب
كان الصحابي عمر بن الخطاب أشد أصحاب الرسول في الدين، وذلك لشدة خوفه وحرصه على عدم معصية الله كما كان شديد الورع والزهد، ولا يخاف في الله لومة لائم، حتى أن الشيطان كان يهابه فلا يجرؤ على السير في طريق فيه ابن الخطاب.
- حياء عثمان بن عفان
كان الصحابي الجليل عثمان ابن عفان يتميز بالحياء الشديد، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يلقبه بالرجل الذي تستحي منه الملائكة وهذا من شدة حيائه، وكان هو أكثر الأشخاص حياءً في أمة الرسول، ومن المواقف التي تدل على صفة الحياء لديه أنه كان في زيارة لرسول الله فقام الرسول بتسوية جلسته فاستغربت السيدة عائشة رضي الله عنها من رد فعل الرسول لأنه عندما سبقه عمر وأبا بكر بالزيارة لم يتحرك وبمجرد أن علم أن عثمان بالباب سوى جلسته، فقال لها رسول الله صل الله عليه وسلم أن عثمان كثير الحياء وأخاف أن يدخل علي هكذا وهو يريد حاجة فلا يستطيع أن يطلبها.
- عبيدة ابن الجراح
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلقبه بأمين الأمة وهذا بسبب شدة أمانته وكتمانه، وكان في مرة جاء أهل نجران لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا له أرسل لنا رجل يكون أمين، فقال لهم: سوف أبعث لكم رجل أمين حق أمين، فارسل لهم أبا عبيدة بن الجراح.
وإن صفة الأمانة هي أهم صفة يتحلى بها المسلم حيث أنها كل أمر فرضه الله على عباده من صلاة أو صيام أو زكاة، وكل شيء يؤتمن عليه العبد، مثل كتمان السر، أو وضع شيء عند شخص أخر فحفظها هو أمانة، وأفضل أنواع الأمانة هي أمانة حفظ الدين.
- معاذ بن جبل
كان الصحابي الجليل معاذ بن جبل أعلم الناس بالحلال والحرام، حيث أن الرسول وصفه وقال فيه: “أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وكان فقيهًا في الدين، وكان لديه بحر واسع من العلم والحكمة، وكان يُعرف برجاحة عقله، وكان واحدًا من الذين كانوا يفتون في الدين على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
- زيد بن ثابت
كان زيد بن ثابت كاتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من جمع القرآن في عهد أبو بكر، من علماء الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين كما أنه هو من تولى عملية تقسم الغنائم وقت معركة اليرموك، وكان زيد بن ثابت أعلم الصحابة بالفرائض، وهو مفتي المدينة، وكان العلم الذي يوكله له الرسول يحتاج إلى عقل يقظ وعلم واسع وهو ما وجده في هذا الصحابي الجليل.
- أبي بن كعب
كان أبي بن كعب من أفضل الصحابة قراءة للقرآن الكريم، وشهد له الرسول بأنه أقرأ الصحابة لكتاب الله، فقد كان رضي الله عنه يقوم بختم القرآن كل ثماني أيام، كما أنه كان يحسن كتابته، وهو واحد من الذين كانوا يكتبون الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم.
- ترجمان القرآن عبدالله بن عباس
وإن لم يذكر عبدالله بن عباس في هذا الحديث إلا أننا لا يسعنا إغفاله ونحن نتحدث عن مواهب الصحابة لقد كان هذا الصحابي الجليل أكثر الأشخاص فهمًا للقرآن الكريم وتفسيرًا، حيث كان يتمتع بالذاكرة القوية، والذكاء الشديد والفطنة، وكان لديه العديد من المواهب مثل: ثقافته المتنوعة، ومعرفته بكل شيء، وكان ملم بجميع العلوم في تفسير القرآن الكريم، والفقه، وفي التاريخ، وهو عالم بالقراءات وهو أديب كبير وعالم لغوي، وجميع الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يشهدوا له بعلمه الواسع، ورجاحة عقله، ولقد قاموا بتلقيبه بالكثير من الألقاب مثل: البحر، الحبر، ترجمان القرآن.