بدأ التفكير في تدوين السنة النبوية في عهد اخر الخلفاء الراشدين وهو سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ؛ حيث أنه قد وجد كثرة الوضع في الحديث ووفاة الكثير من الصحابة وعلماء الأمة من حفظة الأحاديث إلى جانب تناقل الكثير من الأحاديث مكذوبة ؛ الأمر الذي دفعه إلى إرسال رسالة إلى قاضي المدينة حينذاك أبي بكر بن حزم يأمره من خلالها بأن يقوم بكتابة الأحاديث الصحيحة الواردة عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم .
اول من دون الحديث الشريف
أول من دون السنة النبوية هم الصحابة رضوان الله عليهم، حيث كانوا يحفظون أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ظهر قلب، ويكتبونها في أوراق وصحائف. ومن أشهر الصحابة الذين دونوا السنة النبوية:
- أبو هريرة رضي الله عنه: كان من أكثر الصحابة حفظًا للحديث، حيث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسة آلاف حديث.
- عمر بن الخطاب رضي الله عنه: كان من أشد الصحابة اهتمامًا بجمع السنة النبوية، حيث أمر بجمع الأحاديث النبوية في عهد خلافته.
- زيد بن ثابت رضي الله عنه: كان من أعلم الصحابة بالكتابة، حيث كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، كما كان يكتب الأحاديث النبوية.
- أبو بكر الصديق رضي الله عنه: كان من أوائل الصحابة الذين جمعوا السنة النبوية، حيث جمع الأحاديث النبوية التي كانت مكتوبة في أوراق وصحائف.
- عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: كان من الخلفاء الراشدين الذين اهتموا بجمع السنة النبوية، حيث أمر بجمع الأحاديث النبوية في عهد خلافته.
وقد استمر الصحابة في جمع السنة النبوية حتى نهاية عصرهم، حيث جمعوا جميع الأحاديث النبوية التي كانت معروفة في ذلك الوقت.
وفي العصر الثاني، قام بعض العلماء بجمع السنة النبوية وترتيبها، ومن أشهر علماء هذا العصر:
- الإمام البخاري: جمع كتابه الجامع الصحيح، الذي يعتبر أصح كتاب بعد القرآن الكريم.
- الإمام مسلم: جمع كتابه صحيح مسلم، الذي يعتبر ثاني أصح كتاب بعد صحيح البخاري.
- الإمام أبو داود: جمع كتابه سنن أبي داود.
- الإمام الترمذي: جمع كتابه سنن الترمذي.
- الإمام النسائي: جمع كتابه سنن النسائي.
وقد استمر العلماء في جمع السنة النبوية وترتيبها حتى يومنا هذا، حيث يوجد العديد من الكتب التي تتضمن الأحاديث النبوية الصحيحة.
مراحل تدوين السنة النبوية
في بحث عن تدوين السنة النبوية لم يتم تدوين الحديث ووصوله إلينا كما هو الحال اليوم في مرحلة واحدة ؛ وإنما أخذ تدوين السنة النبوية وقت طويل وعدة مراحل ، شملت :
-في بداية الأمر كان الحديث محفوظًا في صدور المسلمين فقط ، ولكن نظرًا إلى تخوف بعض رجال الأمة من ضياع الأحاديث الصحيحة وانتشار الوضع والكذب في الحديث اتجهوا إلى تدوين الأحاديث النبوية الشريفة مع وضع الكثير من الشروط الهامة لقبول تدوين أي حديث .
-وقد كان تدوين الحديث بشكل غير مُرتب حيث كان هناك خلط بين أقوال التابعين وأقوال الصحابة والكثير من الأئمة إلى أن ظهر كتاب موطأ مالك الذي قد تم من خلاله تصنيف جميع الأحاديث والتي شملت الضعيف والمرفوع والموقوف وآراء علماء وأئمة المدينة وغيرهم .
-وبعد ذلك اجتهد العديد من أئمة الإسلام في تصنيف الأحاديث النبوية الشريفة ؛ حيث قد قام البعض بتقسيم الأحاديث وفقًا لمجموعة من الأبواب الفقهية مثل الإمام البخاري رحمه الله ، ومنهم من قام بتأليف مسانيد الحديث كما جاء في مسند الإمام أحمد ، إلى جانب تقسيم الأحاديث وتصنيفها وفقًا لأسماء الرواة ، وقد تم تقسيم الأحاديث أيضًا في كتب السنن وأشهرها سنن أبي داود .
-وقد تم تقسيم علم الحديث بعد ذلك إلى قسمين أساسيين هما: (علم الحديث رواية) ، و(علم الحديث دراية).
أهمية تدوين السنة النبوية
إن جمع الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة الواردة عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم قد قدم للأمة الإسلامة العديد من الفوائد الهامة ، مثل :
-فهم العديد من الأحكام الشرعية وشعائر العبادات التي لم يأت بها نص صريح في القرآن الكريم .
-الحفاظ على الدين الإسلامي من التبديل أو التحريف من خلال الرجوع إلى أهم الأسانيد التي قد ساعدت على توضيح الأحاديث الصحيحة من الخاطئة ، ولولا ذلك فقد كان من الممكن أن يكون هناك خلط كبير بين أقوال رسول الله صل الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وغيرهم ، ولولا جمع الحديث أيضًا ما تمكن المسلمين أيضًا من فهم الفرق بين الحديث الموضوع والموقوف والصحيح .
-وقد ساعد علم الحديث كذلك على حماية العقول البشرية من الخرافات التي كان أعداء الدين يتناقلونها مثل ما ظهر فيما سمي بالإسرائيليات وإدعاءات المستشرقين .