الموسيقار الألماني ريتشارد فاغنر يُعد من عباقرة الموسيقى ، وحصدت أعماله المزيد من الإعجاب وحقق نجاحًا مشهودًا على الصعيد العالمي، ولكنه له جانب مظلم في شخصيته، حيث أنه كان من أشد المعادين لليهود في ألمانيا، وهو غير كفء في التعبير عن نفسه فنيًا سواء من ناحية مظهره أو لغته وطريقته في الغناء، تحول عبر مسيرته الفنية إلى ثائر موسيقي آثار الإعجاب لدى الكثيرين بأعماله الرائعة والمميزة ومن أشهرها أوبرا خاتم النيبلونغن التي تعتبر من الأعمال الموسيقية الرائعة والفريدة على المستوى العالمي.
إحياء ذكرى ريتشارد فاغنر
في الثاني والعشرين من مايو عام 2013 والذي يتزامن مع مرور 200 عام على ميلاده تم إحياء ذكراه كفنان، ولكن لم ينسى الجميع أن آرائه المعادية للسامية كانت تزداد عدوانية بتقدمه في السن ، وكان الجدل القائم حول إرثه الفني عام 2013 يحمل اسم عاما ريتشارد فاغنر مهم للغاية من أجل فهم فصل مظلم من تاريخ الثقافة الألمانية.
فبعد وفاة فاغنر في عام 1883 بقيت تركته المدمرة المتمثلة في معادة السامية والكراهية لليهود، حتى بعد أن ترك زوجته كوزيما وبعض ورثته، بعد أن قاموا بتحويل مهرجان بايرويت الشهير للموسيقى والذي كان فاغنز قد أسسه قبل وفاته إلى مكان يقصي الفنانين اليهود وإلى مجمع للأفكار العنصرية ، وبعدها اعتبره النازيون موسيقارهم، وكان أدولف هتلر يعشق موسيقاه ويكن له الاحترام والتقدير باعتباره رائدًا في مجال معاداة السامية في ألمانيا، وكان فاغنر يُعد قدوة من قبل المعارضين للحداثة في ألمانيا من قوميين وعنصريين.
قصة حياة ريتشارد فاغنر
ريتشارد فاغنر هو ملحن ألماني ومُنظر للفن، ولد في 22 مايو 1813 في لايبزيغ في عائلة مسؤول بالشرطة، وبعد وفاة والده أرسل زوج والدته لودفيج غاير ريتشارد لدراسة الموسيقى، وبدأ كتابة الأعمال الموسيقية في سن السادسة عشرة، أي قبل سنة من كتابة المسرحية الأولى له، وفي عام 1831 بدأ الدراسة في جامعة لايبزيغ، وبعد أن تخرج في عام 1833 كان بمثابة قائد للجوقة ثم أوركسترا في دور الأوبرا في فورتسبورغ، ماغديبورغ، ريغا، وغيرها من المدن.
عاش ريتشارد حياة محمومة وكان في أمس الحاجة إلى فورتسبورغ وتحديدًا في الفترة من 1833/1842، حيث كان يعمل كعازف فرقة مسرح ماغديبورغ، ثم عمل في كونيغسبرغ وريغا، وكان موصلًا للمسارح الموسيقية، وبعدها عمل في النرويج ولندن وباريس، وكتب العرض الأول له Faust والأوبرا الهولندي الطائر، وفي عام 1842 وضع العرض الأول لأوبرا رينزي آخر منبر في درسدن والذي كان أساس مجده.
علاقات خاصة لدى فاغنر
أعجب فاغنر بالشاعر الألماني هاينرش هاينه والتقى به في باريس، لكن هاينه كان يهوديًا قبل أن يعتنق المذهب البروتستانتي المسيحي، كما أعجب بالمخرج الأوبرالي جاكومو مايبير وهو يهوديًا، حيث أنه قدم الدعم إلى الموسيقار فاغندر، وأعلن فيشر أنه كانت هناك مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الطرفين تظهر أن فاغنر كان ممتنا جدًا لمايبير، وبعد أن عاد إلى ألمانيا ارتبط فاغنر بعلاقات كبيرة مع عالم الرياضيات وراعي الفنوان ألفريد برينغسهايم وهو ثري ألماني من أصول يهودية.
ولذلك فأنه تم تفسير شخصية فاغنر بأنها شخصية متناقضة، حيث أن علاقته باليهود كانت علاقة متناقضة، فمن جهة كان يرفضهم، ومن جهة أخرى كان يسمح بقدوم معجبين به من أصول يهودية إلى بايرويت للتعبير عن إعجابهم به، وعلى الرغم من أن هؤلاء الأفراد كانوا يدفعون أموالًا باهظة إلا أن ذلك لم يغير شيء من مواقفه المعادية لليهودية.
كرّس الخبير في شؤون المسرح والأدب يينز مالته فيشر وقته من سنوات في البحث ودراسة الموسيقار فاغنر قبل أن ينشر كتابًا جديدًا حوله، وأوضح فيشر أن فاغنر وإن لم يكن هو الذي خلق الكراهية لليهود، ولكنه كان رائدًا في نقطة محددة ألا وهي أنه قام بتوسيع معادة اليهود التي كانت منتشرة في عصره لتنسحب على مجالات الثقافة وخاصة في الموسيقى، وقال “من لم يكن يعرف خلال السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر أن فاغنر كان من أشد المعادين للسامية، فإنه كان بالضرورة أعما وأصما.”
شخصية تاريخية مثيرة للجدل
يتسائل الكثير من الأفراد بأنه كيف يمكن الاستماع إلى أعماله الموسيقية مع تناسي أنه من أشد المعاديين للسامية، وهل تتخلل كراهية اليهود إلى أعماله، ولكن الباحثين أغلبهم نفوا هذا الشيء ، حيث أكدوا أنه لم يؤلف أوبريتا بمحتوى معادِ لليهود، ولكن مواقفه تنعكس في خصال بعض شخصيات أعماله الأوبرالية ، كمثال شخصية ميمه في أوبرا خاتم النيبلونغن تتضمن قوالب نمطية عن اليهودية بشكل متستر .