قصة الفلاح والملك هي قصة من التراث عن الكلمة الطيبة وفوائدها التي لا تحصى ولا تعد والتي تأتي على صاحبها بالخير والسعادة ومحبة الناس فالخير يثمر دائمًا وصاحب الكلمات الطيبة شخص مرغوب فيه على الدوام لما ينفع به الناس من أخلاقه الطيبة وصفاته الجميلة، وكما علمنا رسول الله صل الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «الكلمة الطيبة صدقة» وكما قال الله تعالى عنها في كتابه الكريم  {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [سورة إبراهيم: 24-25]

جائزة الكلمة الطيبة:
يحكى أن أحد الملوك كان يتصف بالطيبة والعدل بين شعبه فأراد أن يعلمهم الحكمة والكلمات الطيبات فأرسل يخبرهم أنه أقام مسابقة عظيمة وسوف تكون فيها هدية مالية كبيرة قدرها خمسمائة دينار لأفضل كلمة طيبة، وفي أحد المرات حيث كان الملك يمشي في موكبه العظيم رأى فلاح عجوز يقوم بزراعة شجرة زيتون فاستعجب الملك وقرر أن ينزل إليه ليسأله عما يفعل وهو في ذلك العمر وكيف له أن يزرع شجرة تجني ثمارها بعد عشرين عامًا من زراعتها أي أنه لن يأكل أو يبيع من ثمارها شيء.

الفلاح والكلمات الذهبية:
بعد أن نزل الملك نادى على العجوز فأتى العجوز مسرعًا وقد تذكر من أمر المسابقة والجائزة المنتظرة، فقال له الملك: لماذا تزرع شجرة أنت تعلم جيدًا أنك لن تأكل من ثمارها، وقد دنا أجلك؟ فقال العجوز بكل فصاحة: يا مولاي زرع السابقون فأكلنا نحن، ونزرع حتى يأكل اللاحقون، فأعجب الملك بهذه الكلمات الفصيحة، وقال للعجوز: أحسنت الإجابة بهذه الكلمات الطيبة وأشار إلى وزيره أن يعطيه الجائزة خمسمائة دينار، فأخذها الفلاح وابتسم ابتسامة كبيرة تدل على الدهاء، مما لفت انتباه الملك.

الفلاح الذكي:
سأل الملك الفلاح وهو مندهش عن سبب تلك الابتسامة وقال له: لماذا تبتسم أيها الفلاح؟ فقال العجوز في مكر شجرة الزيتون يا مولاي تثمر بعد عشرين سنة أما شجرتي مباركة فقد أثمرت الآن، أعجب الملك من جديد بكلمات الفلاح وأشار على وزيره بأن يضاعف الجائزة لهذا الفلاح، وما أن حصل الفلاح على الخمسمائة الثانية حتى ضاعف في ابتسامته كما تضاعفت أمواله، مما أثار حفيظة الملك فعاد مرة أخرى يسأل الفلاح لماذا الابتسامة هذه المرة؟

فقال الفلاح: يا مولاي إن شجرة الزيتون تثمر مرة واحدة كل سنة أما شجرتي فأثمرت مرتين في عام واحد، فسكت الملك ثم أخبر وزيره أعطه خمسمائة أخرى، وبعد أ أعطى الوزير للفلاح الخمسمائة الثلاثة انصرف الملك على عجلة وركب عربته الملكية فاندهش وزيره لهذه الطريقة التي أنهى بها لقائه مع الفلاح، فعاد والوزير وسأل الملك: يا مولاي أخبرني لماذا انصرفت بسرعة؟ فقال الملك إذا انتظرت لفترة أكول كانت خزائني ستنفذ دون كلمات هذا الفلاح التي لا تنفذ أبدًا، فضحك الوزير وضحك الملك.

الوسوم
قصص