بعد التقدم العلمي والمعرفي الرهيب وانتشار علوم الفضاء وسهولة التنقل ونقل العلوم والمعارف ماديا والكترونيا عبر مركبات وآليات علمية حديثة، أصبح العالم قرية صغيرة للغاية بالفعل وليس بالقول فقط، وأصبح من السهل نقل ثقافات ومعارف وعادات وتقاليد بين أي نقطتين على وجه سطح الأرض، وذلك يعرف بما يُطْلَق عليه العولمة.
تعريف العولمة
مصطلح العولمة هو الكلمة التي تشير إلى إمكانية جعل شيء أو غرض أو فكرة ما منتشرة عالميا من حيث المدى أو التطبيق أو الاستعمال، كما أنها تلك العملية التي تلجأ إليها المؤسسات المختلفة سواء التجارية أو الاقتصادية أو السياسية من أجل ترويج ووضع قواعد وآليات بمعايير وضوابط عامة يتبعها العالم أجمع ضمن مؤسسات عالمية تجمعهم كالأمم المتحدة وغيرها التي جعلت العالم بالفعل قرية واحدة مشتركة في قوانين ومعايير وضوابط مختلفة.
ويقول المفكر البريطاني “رونالد روبرتسون” أن العولمة هي ذلك الاتجاه الذي يهدف إلى انكماش العالم وزيادة وعي الأفراد والمجتمعات بهذا الانكماش، كما يعرفها “مالكوم واترز” وهو الكاتب العالمي ومؤلف كتاب العولمة بأنها كل المستجدات والتطورات التي تسعى بقصد أو بدون قصد إلى دمج سكان العالم في مجتمع عالمي واحد، كما يمكن أن نطلق كلمة العولمة على أي أسلوب ينتج من خلاله اكتساب العلاقات الاجتماعية وتلاشي المسافة بين طرفين أو أكثر على المستوى الدولي.
سمات العولمة
1- العالم قرية صغيرة : تتسم العولمة بأنها تجعل من العالم الكبير بمختلف انحاءه مترامية الاطراف إلى ما يشبه القرية الصغيرة من أجل تقارب الصلات بين الأجزاء المختلفة من العالم، وبحيث تسهل تلك القرية عملية انتقال الأفراد بين أي نقطتين على سطحها، ونشر التفاهم المتبادل والصداقة بين مختلف سكان الارض.
2- العولمة الاقتصادية : تعتبر سمة العولمة الاقتصادية من العوامل والمؤشرات على ازدياد الحرية الاقتصادية، وسهولة نقل رؤوس الأموال بين مختلف الشعوب والشراكات، وكذلك توطيد وتقوية العلاقات بين أصحاب المصالح الصناعية في مختلف بقاع الأرض المختلفة، والعمل على تكوين شراكات تصنيعية وترويجية وخدمية، كما كان لتطبيق العولمة الكثير من الآثار على الاقتصاد العالمي وعلى نظام الاقتصاد الرأسمالي والاشتراكي وغيرهما
3- إزالة الحواجز : كما أن العولمة تهدف لعمل مساحة مشتركة تضم بين مختلف الأطراف وتضع لهم قوانين وروابط مشتركة، فإنها كذلك تهتم جدا بإزاحة الأسوار والحواجز المحددة بين الدول وبعضها البعض.
4- التقارب الدبلوماسي : كذلك ساهمت في توطيد العلاقات الدبلوماسية بين الدول على مختلف المستويات الفكرية والثقافية والعلمية؛ حتى اختلطت الثقافات والهويات والعادات والتقاليد.
انتقادات العولمة
كما كان للعولمة تأييدات عديدة من مختلف دول العالم التي استفادت كثيرا ماديا، وتأييدات كبيرة من الدول التي استغلتها في بسط نفوذها العسكري والفكري، فإنها أيضا تعرضت لعدد كبير من الانتقادات كان أبرزها ما يلي :
1- الاستغلال : والاستغلال هنا يشير إلى الدول الكبرى التي استغلت دول العالم الثالث الضعيفة والدول النامية ولجأت لاغتصاب ثرواتها ومواردها الخام.
2-الإهدار والتبذير : وهو ما نجده في تصرفات المواطنين وجعلهم تحت سيطرة رغباتهم الاستهلاكية بعد كم الإعلانات لمنتجات دولية يتم تسويقها وترويجها على مستوى العالم بكل سهولة عبر ىليات العولمة الالكترونية والمادية.
3- سيطرة الأقوياء على الاقتصاد : في بداية ظهور العولمة وانتشار نداءات العالم إليها، كان من المتوقع انتشار التجارة والربح وتوافر سبل ذلك للجميع، بينما حدث عكس ذلك حيث سيطرت القوى الاقتصادية الكبرى على العالم وبسطت نفوذها المالية، وهو ما يمكن إدراجه تحت مسمى الاستغلال حيث أن الموارد المستخدمة لا تضاهي سعر السلعة المنتجة.
4- مراوغة الشركات : من السمات السلبية للعولمة نجد ما توم به الشركات الربحية متعددة الجنسيات؛ حيث تلجأ لاستخدام أساليب قانونية معقدة بهدف مراوغة القوانين والمقاييس المحلية، واستغلال آليات العولمة في استنزاف ثروات وموارد الدول والتهرب من مسؤولياتها المالية والقانونية بشكل أو بآخر.