إن أي دولة مهما كانت قوتها العسكرية لا يمكنها أن تحيا وسط أمواج الغلاء الفاحش تلك والسقطات الاقتصادية التي انتشرت مؤخرا، إلا إذا كان هنالك صمام أمان يضمن للشعوب رخائها واستقرارها واستمرارية إنتاجها في الأسواق لتحقيق كفايات الشعب من مختلف السلع والخدمات والمنتجات المادية والعينية، وهو ما يهتم به مجال الأمن الاقتصادي ويسعى إليه.
مفهوم الأمن الاقتصادي
وضع خبراء الاقتصاد عدة مفاهيم وتعريفات لمصطلح الأمن الاقتصادي، إلا أن جميع تلك التعريفات تدور حول القدرة على حماية وتأمين المصالح الاقتصادية للدولة، وتوفير سبل التقدم والرفاهية للمواطن، بالإضافة لقدرته على امتلاك الوسائل المادية التي تمكنه من أن يحيا حياة مستقرة هو وأفراد أسرته.
وهذا التعريف وإن كان يمكن فهمه بشكل عام بأنه يعني فقط قدرة المواطن على شراء منتجات حباتية أساسية، إلا أنه كذلك يشير لضمان إمكانية المواطن اقتصاديا على شراء خدمات كالعلاج في المستشفيات والعيادات الخاصة، وشراء مقعد لابنه يتعلم فيه، وشراء خدمات ومرافق معيشية مختلفة.
عناصر الأمن الاقتصادي
ينقسم مجال الأمن الاقتصادي لثلاثة محاور رئيسية يهتم بنموها وتطويرها وضمان وجودها بشكل دائم داخل المجتمع، وتلك العناصر هي :
1- الأمن الغذائي والمائي: وبالطبع تعني ضمان توافر المياه الصالحة للشرب وهي أساس الحياة على كوكب الأرض، وكذلك هي أهم ما بالمنظومة الغذائية؛ حيث أن بدونها لن تنمو المحاصيل بالكم والكيف المطلوبين، ولن ترعى الأغنام والمواشي والحيوانات التي يطعمها الإنسان ولا الطيور، كما أنه لن تتوافر القدرة على التصنيع الغذائي وإنتاج السلع الضروربة لحياة الإنسان.
ومن المؤسسات والهيئات التي تشترك في النهوض بذاك العنصر والعمل على توفيره، نجد هنالك وزارات الزراعة والري والموارد المائية والتجارة والصناعة والتموين وغيرها من الوزارات التي تختلف مسمياتها من دولة لأخرى.
2 توفير فرص العمل: لا شك أن الحصول على فرصة عمل يعد أحد أهم مساعي واحتياجات الشباب ومتطلباتهم، وغيرهم ممن هم في مراحل عمرية مختلفة؛ إذ أن الوظيفة هي صمام أمان اقتصادي لحياة الأسرة والإنفاق على متطلباتها وإشباع حاجاتها الأساسية والثانوية.
وفرص العمل تساهم كذلك في تحويل مسار حيوات الأفراد من الفقر والجوع والخوف، إلى الغنى والرخاء والاكتفاء والطمأنينة والأمل في ظل حالة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
ومن الوزارات والهيئات التي يتم تكليفها بمتابعة ذلك، نجد وزارات العمل والتي تسمى بعدة مسميات أخرى في دول مختلفة كالقوى العاملة وغيرها، ويشاركها في ذلك الاتحادات والهيئات العامة للاستثمار والتصنيع، وغيرها من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية التي تنظم مؤتمرات توظيف وحملات تأهيل على العمل وبروتوكولات تعاون مع شركات ومؤسسات عملاقة لضم شباب وفتيات لفريق العمل وبالتالي المساعدة عل التخلص من حدة أزمة البطالة وضمان دخل مادي مناسب للجميع.
3- استغلال ثروات الموارد الطبيعية: وهو عنصر هام للغاية لأنه سبب لغيره من العناصر الخاصة بالأمن الاقتصادي، إذ أن العنصر المائي والغذائي لا يمكن أن يتم توفيره وضمان الاكتفاء منه دون اهتمام الدولة بعنصر استغلال ثروات الطبيعة والحفاظ عليها.
كما أن العنصر الخاص بتوفير فرص عمل نجد أنه يعتمد كثيرا على الموارد الطبيعية في كثير من الوظائف، كتلك التي تتعلق باستخراج البترول والغاز الطبيعي واامعادن، أو حتى مهن الزراعة وفلاحة الأرض.
واستغلال الثروات الطبيعية في مجتمعاتنا الإدارية نجد أن العديد من الوزارات تحمل على عاتقها تلك المسؤولية، كوزارة البترول على سبيل المثال أو كما تسمى بوزارة الطاقة في كثير من الدول، كذلك نجد وزارات التعدين والسياحة والزراعة وغيرها العديد من الهيئات العامة التي يتطلب نشاطها التعامل مع الطبيعة والاستفادة منها.