أظهر الله كثير من المعجزات على أيدي البشر كدليل قوي على تفرده بالقدرة والعلم بالغيب وفعل الخوارق التي لا يمكن للعقل البشري استيعابها ومن هذه المعجزات هي تكلم الصبي في المهد، وتوجد الكثير من الروايات والحكايات عن أطفال تكلموا في المهد إلا أن هذه الثلاثة التي جاءت في أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم هي أصدقها.

الحديث في الثلاثة الذين تكلموا في المهد:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى وكان في بني إسرائيل رجل يقال له جريج كان يصلي جاءته أمه فدعته، فقال: أجيبها أو أصلي، فقالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات وكان جريج في صومعته فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيًا فأمكنته من نفسها فولدت غلامًا فقالت: من جريج، فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى، ثم أتى الغلام فقال: من أبوك يا غلام؟ قال: الراعي، قالوا نبني صومعتك من ذهب قال: لا إلا من طين، وكانت امرأة ترضع ابنًا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك ثديها وأقبل على الركب فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديها يمصه» قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى النبي صل الله عليه وسلم يمص إصبعه، «ثم مُرَّ بأمة فقالت: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك ثديها فقال: اللهم اجعلني مثلها، فقالت: لما ذاك؟ فقال: الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون: سرقت زنيت ولم تفعل» [رواه البخاري ومسلم].

الطفل الأول: سيدنا عيسى ابن مريم
حينما اتهم بنو إسرائيل السيدة مريم البتول في شرفها وسألوها من أين لك بهذا الإبن وأين هو أبوه، أشارت لهم إلى الصبي في يديها أن خاطبون أو اسألوه، فقال قومها: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم:29] عندها حدثت المعجزة وأنطق الله نبيه عيسى وهو ما زال في المهد تحمله امه بين زراعيها وقال: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [سورة مريم: 30-33]، فكانت كلام هذا الصبي أقوى دليل على أنه كلمة الله التي ألقاها إلى مريم عليهما السلام.

الطفل الثاني: ابن الراعي
كان هناك رجل عابد يسمى جريج وكان هذا الرجل منقطع للعبادة في صومعة على الجبل لا يخرج من صومعته إلا لقضاء حاجته من مأكل ومشرب أو للرد على أمه التي كانت تأتيه كل فترة للاطمئنان عليه، وفي أحد الأيام نادته أمه كما هي معتادة وكان جريج قد دخل في صلاته فظل يحدث نفسه أمي أم صلاتي؟ أمي أم صلاتي؟ فأكمل الصلاة ولم يرد على أمه فانصرفت وعادت مرة أخرى وقد تكرر الفعل فما منها إلا أن غضبت ودعت عليه وقالت : اللهم لا تمته حتى تريه وجوه الزانيات، وكانت هناك امرأة سيئة السمعة تريد أن توقع بجريج العابد وجعلت تحيك له المكيدة فمكنت منها راعي للأغنام حتى حملت منه، وعندما ولدت جاءت بابنها عند صومعة جريج وجعلت تصرخ حتى جمعت الناس وقالت لهم إن هذا هو ابن جريج العابد وانه قد فعل بها ما فعل، فقام الناس وضربوه وكسروا صومعته فطلب منهم أن يصلي فتركوه يصلي وعد أن صلى قام إلى الطفل وأشار إليه وقال: من أبوك يا غلام؟ فأنطق الله الطفل وقال: أنا ابن الراعي، لتصبح هذه آية وعبرة لهؤلاء الناس الذين سمعوا لهذه الزانية ولم يسمعوا لجريج.

القصة الثالثة: الطفل من بني إسرائيل
وكما يروي لنا رسول الله صل الله عليه وسلم: أنه كانت هناك امرأة ترضع ولدها وبينما هي ترضعه إذ مر بها فارس من الجبابرة الذي اشتهروا بالقوة والهيبة بين قومهم فتمنت المرأة أن يكون لابنها هذا الشأن فقالت: اللهم اجعل ابني مثله، فترك الولد ثديها واتجه ببصره إلى هذا الفارس فأنطقه الله وجعل عنده من العلم والبصيرة فقال: اللهم لا تجعلني مثله، وعاد مرة أخرى كأي طفل في عمره يلتقم ثدي أمه، ومرت بعدها امرأة يتناولها الناس بالكلام والاتهامات بأنها زانية وسارقة، فقالت الأم: اللهم لا تجعل ابني مثل هذه، فترك الولد ثديها مرة أخرى وقال: اللهم اجعلني مثلها، ولما سألته أمه عن سبب اختلافه معها في الرأي في الرجل والمرأة فقال: أن هذا الفارس الذي يركب على فرسه جبار من الجبابرة في الأرض أما المرأة فإن الناس قد اتهموها بالباطل وبالزور ويقولون عنها أن تسرق وتزني وهي لم تفعل ذلك.