يعاني عدد كبير من الناس من خوف شائع جدا يطلق عليه مسمى "الرهاب الاجتماعي" أو "الخوف من مواجهة الجمهور"، لدرجة أن البعض يهاب التحدث على المسرح أمام الناس أكثر من الموت. كما و يعيش البعض منهم في دوامة هذا الخوف حتى آخر أيام حياتهم. و اللوم يعود للمدارس و الجامعات التي لم تعر انتباها لتنمية هذه المهارة لدى طلابها. حيث إنهم حرموا أبنائهم وبناتهم من الخضوع لتجربة الوقوف أمام الناس و تدريبهم على ذلك بشكل مستمر.
ولهذا السبب يبدأ معظم الناس بشعور الافتقار للثقة من الوقوف أمام الناس حينما يبلغوا سن الرشد. لذلك فإن ممارسة فن الخطابة حاجة ضرورية جدا لكل واحد منا، بغض النظر عن عمره أو طبيعة عمله. حيث تعمل الخطابة على تعزيز مستويات الثقة بنفسك وتزيد من فرص نجاحك و قبولك في مقابلات التوظيف. كما سيتملكك شعور بالراحة بشكل كبير أثناء العمل الجماعي و تقديم العروض الفعالة و الحلقات الدراسية لاعتيادك الوقوف أمام الناس والتحدث أمامهم. إضافة إلى ذلك، فهي ستساعدك على توسيع دائرة علاقاتك الاجتماعية و تحسن حياتك الشخصية.
كل هذه العوائد بل أكثر، ستعود عليك في حين قهرت الخوف الذي بداخلك وبدأت في مواجهته ومحاربته عن طريق ممارسة الخطابة بشكل مستمر. و فيما يلي سنستعرض مسببات الخوف و أعراضه، ومن ثم سنذكر لك بعض الطرق التي تساعدك على مواجهة الرهاب الاجتماعي.
الأسباب التي تحول بينك وبين مواجهة الناس
• الخوف من الفشل.
• التعرض للفشل من قبل.
• عدم التحضير المسبق أو قلة التحضير.
• انعدام الثقة بالنفس و اتهام شخصه بالفشل دائما.
• الأعداد الضخمة من الجماهير.
• عدم الخضوع لتجربة الوقوف أمام الناس من قبل.
الأعراض التي يشعر بها
• رجفة في الصوت.
• سرعة خفقان القلب و ازدياد في ضغط الدم.
• التعرق الشديد أو على العكس برودة الأطراف.
• جفاف الحلق و الشعور بالعطش.
• التأتأة و التلعثم في الكلام.
• الشعور بالقلق و العصبية.
• الشعور بالغثيان وضيق في التنفس.
• و أحيانا يؤدي القلق إلى نسيان الخطاب أو بعض الأجزاء منه.
يقول المثل الشعبي اسأل مجرب ولا تسأل حكيم.. لذلك سنقدم لك النصائح التالية
1. احسم الأمر
إن الطريقة الوحيدة التي ستخلصك من مشاعر الخوف والقلق التي تعتريك قبل مواجهة الجمهور هي حسم الأمور و البدء على الفور بإلقاء الخطاب دون محاولة التهرب و التملص. قد يبدو هذا الحل غريبا لكنه فعلا صحيح. لأنك كلما تأخرت أو تملصت كلما زاد خوفك و استمر و بالتالي سينهكك الخوف. لذلك باشري في إلقاء كلمتك التي عملت عليها منذ زمن طويل. و في حين كنت غير مطالبة بإلقاء كلمة أو خطاب، قومي بالالتحاق بإحدى دورات التدريب على فن المخاطبة مثل دورات (التوست ماستر) الشهيرة و تفاني في تحدي هذه المخاوف التي تعمل على هلاكك.
2. تحكم بأفكارك وعقلك
قال لي أحد الأصدقاء : "أنا شخص فاشل في إلقاء الخطابات" فسألته عن عدد المرات التي وقف فيها أمام الناس و قدم خطبة. فأجابني: ولا مرة. تعجبت منه! وقلت له: كيف لك أن تحكم على نفسك بالفشل أو بعدم قدرتك على فعل شي دون أن تضع نفسك يوما تحت الاختبار أو التجربة؟ إن هذا الشخص لن يتمكن يوما من الوقوف أمام الناس مادامت هذه الأفكار السلبية تعيش في عقله الباطن.
لذلك عليك تغيير طريقة تفكيرك، و إعطاء نفسك حقها لتعيش تجربة الوقوف على المسرح أولا قبل الحكم عليها بالفشل. و أنا على ثقة تامة بأنك قادرة على تحقيق نجاح كبير تماما، كما نجح أشهر الخطباء و الدعاة في ذلك.
3. التحضير في المنزل
إن فن الإلقاء لا يخلق مع الإنسان. بل هو فن يحتاج للكثير الكثير من التمرين و التدريب. و بالرغم من أن بعض الناس قد اعتادوا الوقوف على المنصة ومواجهة الجماهير، إلا أنهم مازالوا بحاجة إلى التحضير لتتضح الأفكار و النقاط لدى المستمعين من أجل أن يتلافى الخطيب النسيان و التلعثم. فكثيرا ما نصادف أشخاصا محترفين في إلقاء الخطب و ذوي ثقة عالية بأنفسهم، إلا أن تقصيرهم في التحضير يكون ملحوظا لعدم وصول المعلومة بسلاسة لدى المستمعين. لذلك عليك بالتحضير في المنزل من 15 إلى 20 مرة. مرة أمام صديقاتك، ومرة أمام أبويك، وأخرى بين إخوتك من أجل أن تعتادي على مواجهة العيون المترقبة والآذان المنصتة.
4. تعرف على المستمعين
إن التعرف على المستمعين سيقلل من شعور الخوف والرهبة لديك. فالإنسان دوما يهاب الغرباء. و هي فرصة كبيرة لتقليل التوتر و كسر حاجز الخوف. فهي تدعو للطمأنينة و تضفي جوا من التفاعل و توزيع الابتسامات. لذلك ابدئي بقولك مثلا أود التعرف على الأخوات المنصتات بداية. أما إن كان عدد الحضور كبيرا فبالتأكيد سيكون من الخطأ بدأ خطابك بالتعرف على الجميع فردا فردا. لذلك إليك الحل في النقطة التالية.
5. ابدأ كلماتك بعرض باور بوينت أو فيديو مناسب.
يفضل الحضور دوما الخطب أو العروض التي تتخللها نشاطات ممتعة كعروض البوربوينت أو الفيديو. ابدئي عرضك مثلا بتشغيل صوت آية قرآنية أو أنشودة ملائمة لموضوعك أو كاريكاتير مضحك. فهي حركة ذكية جدا لضرب عصفورين بحجر واحد، فسينجذب الحضور أولا لما سيقال ويعرض، و ثانيا: ستكوني قد اكتفيت بتفريغ التوتر على خشبة المسرح.