أصبح الاهتمام بقضايا البيئة ، من الموضوعات التي تحتل مكانة الصدارة على موائد القرارات السياسية في كل الدول ، سواء دول العالم المتقدم أو دول العالم النامي ، وقد تبين ذلك من خلال الضرر الكبير الذي وقع بالبيئة في كافة أرجاء المعمورة ، شهد القرن الماضي العديد من الكوارث الطبيعية والبيئية التي خلفت أضرار هائلة لا حصر لها ، أدت لحدوث الإخلال بالنظام البيئي على سطح الأرض بصفة عامة وعلى حياة الإنسان .

مع تنامي الاكتشافات النفطية ومصادر الطاقة وتقدم وسائل الصناعة ووسائل التكنولوجيا ، بدأ يظهر بجلاء انعكاسات هذه الأنشطة على البيئة ، والموارد الطبيعية ، وأهمها تلوث الماء .

أولًا المفهوم اللغوي للتلوث :

يقصد بالتلوث في اللغة العربية ، التلطيخ يقال تلوث الطين بالتبيين والجص بالرمل ، ويقصد بيه أيضًا خلط الشيء بما هو خارج عنه ، حيث يقال لوث الشيء بالشيء ، ولوث الماء بمعني كدره ، وتلوث الماء أي خالطته مواد غريبة ضاره ، ومصطلح التلوث في اللغة الإنجليزية هو pollution ، و تم تعريف المفهوم بأنه إجراء تغير في الهواء والماء والتربة ويؤثر هذا على صلاحيتهم للاستخدام الآدمي ، أما في اللغة الفرنسية بمعنى pollution و لا يتغير عن معناه السابق إفساد وسط ما بإدخال ملوث ما .

ثانيًا المفهوم الاصطلاحي للتلوث

يعرف الباحثين والمتخصصين في مجال العلوم البيئية التلوث ، بأنه خلل في الحركة التوافقية ، التي تتم بين العناصر المكونة للنظام الايكولوجي ، بما يفقده القدرة على إعالة الحياة دون مشكلات ، هنالك أنواع :

التلوث الآمن : هو الدرجة الأولى من درجات التلوث ولا ينجم عنه أي خطورة أو مشاكل على البيئة ، في الأغلب يكون في حدود المعايير والقيم البيئية الصادرة من الأجهزة بشئون البيئة .

التلوث الخطر : يتجاوز التلوث فيه الحدود الآمنة ، و يترتب على هذا التجاوز حدوث إخلال بالتوازن الطبيعي ، وتتبدد المخاوف في حدوث مشكلات بيئية يصعب السيطرة والتخلص منها.

التلوث القاتل : هو بالطبع أشد أنواع التلوث خطورة ، تتعدى نسبة الملوثات فيه السقف الأعلى ، مما ينبئ بحدوث كارثة بيئية ، بسبب افتقار النظام الايكولوجي لقدرته على إعالة الحياة .

ثالثًا المفهوم القانوني للتلوث :

تم إبرام التلوث ضمن عدد من التعريفات والاتفاقيات أن مفهوم التلوث الذي تناولته الاتفاقيات ، في كل من مجال البيئة الهوائية ، والبيئة البحرية ، فقد عرفت المادة (1\4) من اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 م ، تلوث البيئة البحرية بأنه تدخل الإنسان في البيئة البحرية بما في ذلك مصاب الأنهار ، بصورة مباشرة وغير مباشرة ، مما يترتب عليه أثار مؤذية كالأضرار للحياة البحرية ، وإعاقة الأنشطة البحرية بما فيها صيد الأسماك.

في القانون المصري تعريف التلوث المائي ، بإدخال مواد أو طاقة في البيئة المائية بطريقة إرادية أو غير إرادية ، مما ينتج عنه تهديد للمواد الحية وغير الحية ، وتهديد صحة الإنسان ، وفي المشروع السعودي لعام 1422 هـ عرفه ، بوجود مادة أو أكثر من المواد أو العوامل بكميات أو صفات لمدة زمنية معينة تؤدي للإضرار لصحة العامة ، والموارد الطبيعية و الأحياء والممتلكات مما تؤثر سلبًا على الحياة ورفاهية الإنسان.

مما سبق يتضح لنا ، أن التلوث تم تقسيمه لقسمين هما :

التلوث المجرم  المعاقب عليه : هو أي تلوث ينجم عن الأنشطة البشرية ، أيا كان نوعية هذا النشاط ، وهو السبب الحقيقي في كافة المشكلات التي تعاني منها البيئة في الزمن الحالي .

والتلوث غير المعاقب : هو الذي ينتج عن فعل الطبيعة ، دون تدخل بشري ، مثل الزلازل والبراكين والغازات والأتربة ، تسبب تلوث البيئة البحرية والأنهار والعواصف الرملية الترابية ، التي تغير لون البيئة البحرية وتحدث تغيرات هائلة بالنظام البيئي .

عملية تكون التلوث بالمياه :

يشغل الماء 71% من المساحة الكلية للكرة الأرضية ، يقدر حجمه بنحو 292 مليون ميل مكعب ، و98% في الحالة السائلة ، وتشير الدراسات العلمية أن 97 % من الماء الموجود بالعالم غير صالح للاستهلاك بسبب الملوحة ، و3% فقط من المياه العذبة ، وغير متوفرة بسبب التجمعات الجليدية ، يحصل الإنسان على الماء من مصدرين هما المياه الطبيعية والتي يتم سحبها من الانهار والجداول والأهوار .

والمياة الجوفية التي تسحب من باطن الأرض عن طريق حفر الآبار ، في وضع الماء الطبيعي لا يكون نقيًا تمامًا ، فمياه الأمطار تجمع أثناء تساقط كميات كبيرة مع شوائب الغلاف الجوي الملوث أيضًا. 

التلوث هو الناتج النهائي ، لعملية تتكون منها الفضلات ، وتكون تلك العملية ذات إجراءات مختلفة ، وذلك لاختلاف أنواع الفضلات واختلاف أنواع التلوث ، فيحدث التلوث بسبب إلقاء النفايات للتخلص منها مما يفسد النظام البيئي ، والنظافة ويحدث خلل في الموازنة بين العناصر المكونة للنظام الايكالوجي بحيث تشمل فعالية النظام وتفقده القدرة على التخلص الذاتي من الملوثات بالعمليات الطبيعية .

رابعًا أنواع التلوث الماء :

تدخل المادة الملوثة إلى البيئة بسبب الحرائق والانفجارات أو عن طريق المجاري والفضلات الأخرى ، كنواتج لبعض العمليات الصناعية أو من خلال بعض الفعاليات الاخرى للإنسان ، حيث توجد علاقة معقدة بين التلوث والمصادر الطبيعية ، فقد برهنت الدراسات على أن زيادة التلوث منذ الحرب العالمية الأولى قد تجاوزت نسبة زيادة السكان بينما ثبتت صحة العلاقة بين التقدم التقني وكمية الفضلات ، فقد أتضح من براهين عديدة أن أهم مصادر التلوث كالتالي :

  تأثيرات كبيرة من المصانع الحديثة بسبب الثورة الصناعية التي اجتاحت العالم ، وساهمت في تخريب البيئة وتخريب معالمها ، فقد حلت الآلة محل الإنسان ، وتم استبدال الطرق البدائية ، بطرق أكثر تطورًا واستعملت المحركات البخارية التي تحتاج لمصادر جديدة للوقود مثل الفحم الحجري والبترول وإضافة للطاقة النووية مما نتج عنها مواد كربونية ، فاقت قدرة النظام البيئي .

بسبب زيادة التجمعات السكانية ، وزيادة المصانع التي تبدأ برمي الفضيلات في مجاري الأنهار والبحار ، مما يترتب عليه انتشار التلوث ، إضافة إلى الأبحرة المتصاعدة من الصناعات الكيميائية السامة ، على المساحات الخضراء الكبيرة التي أتلفت الغابات والحشائش القريب منها .

 تعتبر الأرض المتروكة  derelict land ، من المصادر الأخرى لظاهرة التلوث ، فالأرض المستنزفة بسبب التنمية الصناعية التي أصبحت غير قابلة لاستصلاح كالمناجم المهجورة والحفر المفتوحة ، فهم ناتجين عن فضلات الأرض ، التي تصل بشكل أو بأخر إلى الماء  ويمكن تقسيم الملوثات حسب التالي :

1 – الملوثات الطبيعية : نتاج الطبيعية ، ليس للإنسان دخل فيها مثل الغازات والأتربة والبراكين ، والأملاح في المياه والأتربة التي تغير لون المياه .

2 الملوثات التكنولوجية الصناعية : التي تكون بسبب ما استحدثه الإنسان من تقنيات في البيئة ، والتلوث الناتج عن الانفجارات النووية.

3- ملوثات الإنسان والحيوان : الناتجة عن فضلات الإنسان اليومية ، من المجمعات السكنية ، والتي تشمل مياه المجاري وبما تحويه من مواد عضوية بدرجة رئيسية والفضلات الحيوانية .

أما الملوثات حسب الطبيعة :

الملوثات ذات الطبيعة الفيزيائية physical: هي ظواهر فيزيائية مادية ، مثل الإشعاع والأمواج الكهرومغناطيسية والحرارة وهي أشد خطر على البيئة والمـــاء .

الملوثات الطبيعة الكيماوية chemical: وتشمل مجموعة واسعة من الملوثات ، وهي اكثر انتشارًا في البيئة ، مثل النفط ومشتقاته ، والزيوت والشحوم ، والسموم الطبيعية والرصاص والزئبق ، والغازات المتصاعدة من البراكين ، والمواد المصنعة كالمبيدات والكيماويات الزراعية والفضلات الصناعية ، من الأحماض والأملاح والقواعد والحرائق ، والجسميات الدقيقة ، من مصانع الاسمنت والكيماويات السائلة التي تتركز على سطح المـاء .

الملوثات الإحيائية : هي عبارة عن الكائنات المجهرية ذات الأثر الواضح على صحة الإنسان ، ينتج عنها الكائنات الطفيلية المعوية ، التي تعيش بمعدة الإنسان وتسبب أمراض مثل الكوليرا ، الناتج عن تلوث مياه الشرب ، يشمل البكتيريا والفيروسات والطفيليات والفطريات. 

تلوث فسلجي (physiological): ويؤثر على الذوق والرائحة وتسبب عدم الارتياح .

يمكن تلخيص مصادر تلوث المــاء كالتالي:

1- النفط.

2- الصناعة.

3- المبيدات والأسمدة الكيميائية.

4- الأمطار الحامضية.

5- الحروب.

6- فضلات الحيوان والإنسان .